ينبغي الالتفات إلى أنّه نقل كلامان في الآية ، أحدهما لله ، وهو وعده الحقّ الذي أوفى به ، وهو مصداق للكلمة الطيبة. والثاني هو للشيطان الذي هو وعد باطل ولم يفِ به الشيطان ، كما أنّه مصداق للكلمة الخبيثة.
حسب ما ورد في الآية الشريفة ، فإنَّ استجابة دعوة الشيطان اختيارية غير جبرية ، وكل من تابع الشيطان فبارادته ، لذلك يلوم الشيطان الإنسان يوم القيامة ؛ لأنّ الإنسان يعلم بطبيعة الشيطان الخبيثة رغم ذلك يلتحق بركبه.
ألا يعلم الإنسان بمعاملة الشيطان لابيه آدم عليهالسلام؟ إنّ مكره هو الذي أدى به إلى خروجه وانقطاع نسل الإنسان من الجنّة بالكامل. (١) ألم يسمع الإنسان بقسم الشيطان باتيان الإنسان من بين يديه ومن خلفه لاجل إغوائه وحرفه عن الصراط المستقيم؟ (٢) إذن لماذا الإنسان ، رغم علمه الوافر ، يغرّه الشيطان بوعوده الباطلة والكاذبة ويترك كلام الله الصادق؟!
الشرح والتفسير
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيّبَةً كَشَجرَةٍ)
إنَّ هذه الشجرة التي ضرب الله بها مثلاً ذات خمس خصائص :
١ ـ «طَيِّبَةً» أول خصائصها أنها طيّبة أي طاهرة وذات رائحة مطلوبة. إنَّ بعض الاشجار يستفاد من جميع أجزائها من الاوراق والاغصان والثمار والجذور وأصماغها ، كما أنّ منظرها جميل وعطرها مريح ، إلّا أنّ بعض الاشجار ذات منظر قبيح ورائحة كريهة وجذور نتنة وثمارها مُرّة.
إنَّ الشجرة التي ضرب الله بها مثلاً هي شجرة طاهرة وجميلة وبالجملة طيبة.
٢ ـ «أصْلُهَا ثَابِتٌ» الخاصية الاخرى لهذه الشجرة أن جذورها ثابتة ومحكمة في الأرض. من مظاهر قدرة الله تعالى أنه جعل تناسباً بين غصون الشجرة وجذورها فكلما كانت
__________________
(١) مضمون الآية ٣٦ من سورة البقرة.
(٢) كما هو مضمون الآيتين ١٦ و ١٧ من سورة الاعراف.