(وَللهِ المَثَلُ الأعْلَى وَهُو العَزِيزُ الحَكِيْم) أي أنَّ لله من الأمثال ما ليس لغيره ، فلله المثل الأعلى ، ويُعدُّ كل مثل في حقه ناقصاً مهما ارتفع شأنه ؛ وذلك لأن أمثلتنا من عالم الموجودات الممكنة ، وهي جميعاً ناقصة ومحدودة ، ولا يمكن تصوير اللامحدود بالمحدود.
والآية التالية : (فَلَا تَضْرِبُوا للهِ الأمْثَالَ) تشير إلى هذا المطلب.
رغم ذلك ، إذا أردنا بيان مثال لله تعالى فالآية ٣٥ من سورة النور هي أنسب ما يمكن الاتيان به ، فإنَّ الله هناك شُبِّه بالنور ؛ وذلك لأنّه لا موجود أكثر فائدة وبركة ولطافة وسرعة من النور ، فإنَّ لله الامثال العليا والرفيعة.
سؤال : قد يخطر في الذهن هذا السؤل : خلق الله كل شيء ، لكن مَن خلق الله؟
الجواب : نعم ، انَّ الله خلق كل شيء ، لكن لم يخلق أحدٌ الله ؛ وذلك لأنّ الله موجود أزلي وأبدي ، أي كان ويكون وسوف يكون. إنّه لم يُخلق أبداً لكي نبحث عن خالق له. لأجل اتضاح المطلب نسترعي انتباهكم إلى المثال التالي الذي فيه صياغة للامور المعقولة في قوالب محسوسة :
إنّ الفحم الحجري الذي هو نفايا الغابات في العصور الغابرة معلول للطاقة الشمسية. وحتى النفط الذي هو الآن أكبر مصدر للطاقة في العالم معلول للطاقة الشمسية ؛ وذلك لأنَّه يقال : إنَ النفط عبارة عن بقايا أو مستحاثات الحيوانات في العهود الماضية دُفنت لتتحول إلى هذه المادة بعد قرون. ومن الطبيعي أنَّ الحيوانات تتغذى من النباتات ، والاخيرة تفيد من نور الشمس ولو لم تكن الأخيرة لما كانت النباتات.
إنَّ المحركات الضخمة التي تُنصب على الشلالات لأجل توليد الطاقة تستمد طاقتها من الشمس بالشكل التالي : الشمس تسطع على البحار ، فتتبخّر مياه البحار ، فتتبدل المياه إلى سحب ، لتنزل على الأرض تارة اخرى بشكل مطر وغيث مبارك ، وهذه الامطار تتبدل إلى سيول تحرك المحركات لتوّلد الطاقة الكهربائية.
أما طاقة الشمس فذاتية ، أي لا تصلها من خارج الشمس ، بل في الشمس نفسها ما يمنحها الطاقة دون الحاجة إلى ما هو خارج عنها.
وعليه ، رغم أنَّ الشمس مخلوقة إلّا أنَّها لا تحتاج إلى من يولّد لها الطاقة. وهذا المثال يمكنه