وتمشياً مع مبدأ التحرير المطلق للعبيد ، فرض الإسلام تحرير الرقّ ككفارة لكثير من الذنوب.
إنَّ الشخص إذا أفطر في شهر رمضان عمداً ، فعليه ـ اضافة إلى القضاء ـ الكفارة ، وأحد خيارات الكفارة المفروضة هو تحرير عبدٍ ، وكذا الحال بالنسبة إلى حنث اليمين والعهد والنذر فإنَّ تحرير عبد هو أحد الخيارات المفروضة هنا.
وبهذا المنهج الدقيق للإسلام تحقق التحرير التدريجي للعبيد ، قبل أن تُعلن الدنيا عن قرار تحرير العبيد بمئات السنين.
٢ ـ العبودية المتطوّرة
يعتبر القرآن المجيد المؤمنين أحراراً والمشركين عبيداً. ومن هنا ندرك أنَّ مصطلح (العبيد) لا ينحصر في معناه المتعارف ، بل هناك أنواع اخرى للعبودية ، وهي عبودية الشهوة والهوى والهوس والمال والثروة والجاه والمقام وأصناف اخرى للعبودية المتطوّرة.
يقول ابن عباس : «إنَّ أول درهمٍ ودينارٍ ضرباً في الأرض نظر إليها إبليس فلمّا عاينهما أخذهما فوضعهما على عينيه ، ثمّ ضمّهما إلى صدره ، ثمّ صرخ ثم ضمهما إلى صدره ثمّ قال : أنتما قرة عيني ، وثمر فؤادي ، ما ابالي من بني آدم إذا أحبّوكما أن لا يعبدوا وثناً ، حسبي من بني أدم أن يحبّوكما». (١)
أي أن صنم المال والثروة وعبودية المال والدنيا هي أخطر من العبودية المتعارفة.
العالم اليوم الذي أعلن عن تحرير العبيد ، هو في الحقيقة غيّر نوعية العبودية ولم يزلها بالكامل.
أرباب القوى العظمى عند تبريرهم للجرائم التي يرتكبونها يقولون بصراحة : إنَّ هذه الجرائم تقتضيها مصالحنا ، فإنَّه لو لم يكن هناك حرب وإهراق للدماء وقتل واختلاف وتفرقة ، فإنَّ معامل الاسلحة ستتعطّل. ألم يكن هذا شركاً وعبادة للأصنام؟!
__________________
(١) بحار الأنوار ٧ : ١٣٧.