٢ ـ (وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) فهذا الإنسان اضافة إلى عدالته وأمره بها ، يحضى بخصيصة اخرى ، وهي أنَّه يخطو على الصراط المستقيم.
قد يكون البعض من طلّاب العدالة والقسط في المجتمع ، لكن بما أنّ مساعيهم لم تنشأ ولم تصب في الطريق الصواب والصحيح فهي كثيراً ما تنتهي إلى الظلم والجور. وقد نجد شخصيات من الشيوعيين يطالبون بالعدالة حقاً ، لكنهم سلكوا طريقاً غير صائب لاجل تحقيق العدالة ، فانتهى أمرهم إلى جرائم كثيرة وبشعة اقترفوها خلال سبعين عاماً من حكومتهم.
إذن ، مثل المؤمن مثل الإنسان العادل والطالب للعدالة الذي يسير على طريق الحق والصواب ، أما مثل الكافر فمثل العبد الابكم الذي لا إرادة له و....
وهل يتساوى (مع هذه المفارقة) المشرك والمؤمن؟ لا شك أنه لا يوجد من ينكر المفارقة هذه.
خطاب الآية
الشرك وعبادة الأصنام في القرن العشرين
يتصور البعض أنّ عهد الشرك وعبادة الأصنام قد ولّى ولا يوجد مشرك حالياً ، مع أنّ الواقع ليس كذلك ، فهناك مشركون وعبدة للأصنام ؛ وذلك لأنَّ للشرك (ذلك البلاء المهلك) أنواعاً وأقساماً كثيرة. من هنا قال القرآن : (وَمَا يُؤمِنُ أكْثَرُهُمْ بِاللهِ إلّا وَهُم مُشْرِكُونَ) (١)
نعم ، إنَّ أكثر الذين يدّعون الايمان نجد في معتقداتهم عروقاً من الشرك تصب في قلوبهم.
لو قيل للذي ادّخر مالاً وأعدّ لنفسه ثروة ضخمة : انَّ هذه الثروة ليست لك ، وأنت مجرد أمين عليها ، فاعط المحتاجين كما نصّت الآية على ذلك : (وَأَنْفِقُوا مِمّا جَعَلَكُم مُسْتَخْلَفِيْنَ فِيْهِ) (٢)
__________________
(١) يوسف الآية ١٠٦. وقد وردت رواية جميلة عن الباقر عليهالسلام في ذيل هذه الآية يقول فيها : ((هو قول الرجل : لو لا فلان لهلكت ، ولو لا فلان لأصبت كذا وكذا ، ولو لا فلان لضاع عيالي ، ألا ترى أنّه قد جعل لله شريكاً في ملكه يرزقه ويدفع عنه))؟ قال الراوي قلت : فيقول : لو لا أنّ الله منَّ عليّ بفلان لهلكت؟ قال : ((لا بأس)) ، ميزان الحكمة ، الباب ١٩٩٢ ، الحديث ٩٣٠٩.
(٢) الحديد : ٧.