وهناك مجالات كثيرة ومتنوّعة لكسب الرزق.
٤ ـ (وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ) أي أنَّ الله إلى جانب ما وفَّر لهم من نعمٍ مادية (الأمان والاقتصاد السليم) منحهم نعمة معنوية وهي إرسال نبيّ معصوم وبصير منهم ؛ لكي يتمَّ تعاليمهم ومعارفهم.
إنَّ أهل هذه المدينة يتمتعون بهذه الخصال الأربع ويعيشون في رخاء ، رغم ذلك لم يشكروا الله على نعمه.
(فَكَفَرَتْ بِأنْعُمِ اللهِ فَأذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الجُوعِ والخَوفِ) إنّ أهالي هذه البلدة كفرت بدل أن تشكر نعم الله ، وكانت النّعم سبباً لتكبرّهم وغرورهم وأنانيتهم ، فظلموا بدل أن يفيدوا من النعم بشكل صحيح ، وكان نتيجة ذلك نزول العذاب الإلهي ، وأذاقهم الله ، إثر ذلك ، الطعم المرَّ للجوع وسلب منهم الأمان ، فكانت السرقات والغارات تهددهم في كل وقت ، وتسلَّط أوباشهم عليهم ، وتدمَّر اقتصادهم إثر تزلزل الأمان عندهم.
سؤال : إنَّ تعبير «أذَاقَهَا» لا يتناسب مع تعبير «لِبَاسَ» بل المناسب هنا استخدام مفردة «ألْبَسَهَا» ، فما سرّ هذا التعبير؟
الجواب : هناك نقطتان دقيقتان في مجال استخدام (اذاق) مع (لباس) نشير إليهما هنا :
الف ـ اللباس يضم الجسم كله ويحتويه ، وكذا العذاب الإلهي فانه يشمل جميع القرية.
باء ـ بالنسبة إلى عبارة «أذَاقَهَا» ينبغي الالتفات إلى أنّ إحساس الإنسان واستيعابه ذات مراحل ومراتب :
قد يدرك الإنسان شيئاً من خلال حاسة السمع ، كأن يسمع بصوت النار ، فيدرك وجود حريق.
وقد يرى الإنسان النار فيستوعب وجودها بالباصرة ، وهذا الادراك ذات مرتبة أعلى من سابقه.
وقد يلمس النار فيدرك وجودها ، وهذا النوع من الادراك يقع في مرتبة أعلى من السابقتين.
وقد يدرك الإنسان الشيء من خلال تذوّقه ، وهذا أعلى درجات الاحساس. وسبب