استخدام الآية الشريفة لمادة الاذاقة هو أنها تريد الأشارة إلى شدّة إدراكهم وتحسسهم للعذاب الإلهي وطعمه المر.
(بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) أي أنَّ صنيعة أهل القرية هو السبب في نزول هذا العذاب الإلهي ، فانَّ الإنسان قد يقترف الذنوب التي ترجع عواقبها عليه ، رغم صعوبة تحمّلها.
على سبيل المثال ، إذا حلَّ النظام الطبقي في مجتمع ما ، وكان الاغنياء لا يكترثون من معاناة الفقراء ، فإنَّ الأمان الاقتصادي سيسلب من هذا المجتمع وتعود مردوداته جُلّها على الاغنياء أنفسهم ، وسبب ذلك ليس إلّا بخل الاغنياء وامتناعهم عن الانفاق وإعانة الفقراء.
لذلك جاء في رواية : «إذا بخل الغنيّ بمعروفه باع الفقير آخرته بدنياه». (١)
أي أنّ الفقر هو السبب في السرقات وفي النهاية السبب في فقدان الأمن في المجتمع.
كما جاء في رواية اخرى : «سُوسُوا أموالكم بالصّدقة». (٢)
أي أنَّ طريقة حفظ الأموال ليست هي ادخارها ، بل في التصدُّق ببعضها لكي لا يؤدي نار الفقر إلى إحراق أمن المجتمع وإحراقها في النهاية.
خطابات الآية
١ ـ العذاب والبؤس نتيجتان لأعمالنا
إن الذي يُستشفُّ من آيات القرآن ، وبخاصة الايتين هنا ، هو أنَّ مشاكلنا وما نتحمله من العذاب هو نتيجة أعمالنا وأنَّ الله لا يظلم أحداً.
إذا كان معظم الشباب في مجتمع لا يتمتعون بأبسط وسائل العيش ولا يمكنهم التقدم على الزواج ، ومن جانب آخر فيه أفراد يتمتعون بأفضل وسائل العيش ويوفّرون لأولادهم مبالغ كبيرة كصداق لزواجهم ويصرفون الملايين في هذا المجال ، وشاع في هذا المجتمع الفساد والفحشاء وعدم الأمن ، فهل المقصر في هذه الظواهر غير أفراد المجتمع ذاتهم؟! مَنْ يُلامُ غير أفراده؟
__________________
(١) بحار الأنوار ٤٧ : ٧٤١ ، ونهج البلاغة ، الكلمات القصار ، الكلمة ٣٦٤.
(٢) نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، الكلمة ١٤٦.