عربة واليوم يسرق كلب حساء ومطبخ الأمير (١).
٣ ـ التدقيق في اختيار الصديق
كما تقدَّم أنَّه كان لهذا الثري صاحب البستان والثروة والسلطة أصدقاء كثيرون ، وكان يتفاخر بهم ، لكنهم تفرّقوا وابتعدوا عنه عند ما فقر وواجه الخسارة وأصبح مُداناً ، فما أعانوه على مشكلته ، كما أنَّه بنفسه ما استطاع جبران ما تحملّه من خسائر.
يا ترى ، ما سبب عدم إعانة إصدقائه له؟
سبب ذلك واضح ، فإنهم لم يكونوا أصدقاءً له بل لثروته وسلطته ، فكانوا بمثابة الذباب الذي يحوم حول السكريات.
إنَّ أصدقاءً من هذا القبيل تنتهي صداقتهم بنهاية سلطة الانسان وثروته ، فبعض منهم أصدقاء لسلطة الانسان وتنتهي صداقته بانتهاء السلطة ، وبعضهم أصدقاء لجمال الانسان وتنتهي صداقته بانتهاء الجمال ، وبعضهم أصدقاء لثروة الانسان وتنتهي صداقته بانتهاء الثروة ، وبعضهم أصدقاء للمقام ، وتنتهي صداقته بانتهاء المقام وبلوغه نهاية الخط.
أصدقاء الثري الذين ورد ذكرهم في آيات المثل كانوا من هذا القبيل ، أي أنهم كانوا أصدقاء لثروة ذلك الانسان وسلطته ولم يكونوا أصدقاءً له بالذات ، مضافاً إلى أنَّهم لم يكونوا أصدقاء حقيقيين عند ما كان ثريّاً بل كانوا بلاءً عليه ؛ لأن أشخاصاً من هذا القبيل وبأهداف مادية دنيوية يظهرون له ـ بتملّقهم ـ الزين شيناً والشين زيناً ، أي أنَّهم لم يكونوا أصدقاءً حقيقيين أبداً.
سؤال : من هم الأصدقاء الحقيقيون؟ وعلى مَن يُطلق عنوان الصديق الحقيقي؟
الجواب : ينبغي الأخذ بنظر الاعتبار معايير خالدة لانتخاب الصديق ، لكي تبقى صداقته وتدوم. علينا اعتبار محبيّ العلم والإيمان والتقوى وما شابه ذلك أصدقاء لنا ؛ لأنَّ محبة هؤلاء لا تتزلزل بالحوادث والمتغيّرات ، والمحبة تستمر ما دام التقوى والايمان والعلم والاعتقاد بالآخرة موجوداً.
__________________
(١) جهل حديث ، لرسول محلاتي ٢ : ٥٠٨ (بالفارسية).