نُورُ السَّمَواتِ والأَرْضِ) (١) أما نور الايمان ونور العلم ونور اليقين ونور الاتحاد والتلاحم وفكلها ترجع إلى نور واحدٍ ، وهو نور الله ولا نور غيره ؛ لذلك لم يستخدم القرآن النور الا بصيغة المفرد.
أمّا النفاق والكفر والاختلاف والتفرقة فهي ليست ظلمة واحدة ، بل ظلمات متعددة ، هناك ظلمة الجهل وظلمة الكفر وظلمة البخل وظلمة الحسد وظلمة عدم الخوف من الله وظلمة الهوى والهوس وظلمة الوساوس الشيطانية و.. وخلاصة الظلمات متنوعة وليست واحدة ، لذلك استخدمت بصيغة الجمع.
٧ ـ خصال المنافقين الثلاث
إنّ المنافقين ـ حسب هذه الآية (١٨) ـ لهم ثلاث خصال :
الأولى : صمّ ، وهي صيغة جمع لأصم وتعني عدم السمع.
الثانية : بكم ، وهي صيغة جمع لأبكم وتعني أخرس.
والآية تعني أنهم لا يسمعون ولا ينطقون. إنّ الاصم لا يستطيع التكلم رغم سلامة جهاز النطق عنده ؛ لأنَّ الإنسان لا يمكنه ان ينطق بكلمة لم يسمعها ولم يتعلمها ، ولذلك جاء القرآن بصفة الاصم قبل صفة الابكم ، وهي تعني في النهاية ان المنافقين صمّ وبكم دائماً.
الثالثة : عمي ، وهي جمع (أعمى) وتعني فاقد البصر ، وعلى هذا فان المنافقين صم بكم وعمي ، أي لا اذن لهم يسمعون بها ولا لسان لهم ينطقون به ولا عين لهم يبصرون بها. ومع هذا الحال ، كيف يمكنهم معرفة الطريق الصحيح وكيف يمكنهم ادراك انحرافهم وخطأهم؟
إنَّ هذه الحواس والعناصر الثلاثة هي وسائل معرفة الإنسان ، فالاذن وسيلة للتعلم ، واللسان وسيلة لنقل العلوم من جيل إلى آخر ، والبصر هو وسيلة لاكتشاف العلوم والظواهر الجديدة ، والذي يفقد هذه العناصر الثلاثة لا يمكنه الخروج من الطريق المنحرف كما لا يمكنه الرجوع إلى طريق الحق. لكن يطرح سؤال هنا وهو : انا نشهد المنافقين يتمتعون بالحواس الثلاث ، فلم القرآن ينفيها عنهم؟
__________________
(١) النور : ٣٥.