الهدف من تشبيه الحياة الدنيا بالغيث هو إفهام الانسان بأنَّ روحه مثل الماء الذي ينزل من السماء ومن العالم العلوي جُعلت في هيكله المادي ، فعليه انتهاز فرصة تواجدها في جسمه والاستفادة من الحياة بأحسن وجه ممكن ، وعليه الإكثار من الأعمال الصالحة ، وليكن مطيعاً مخلصاً وعبداً خاضعاً لذات الحق تعالى ، وهذا هو متاعه في سفره نحو الآخرة والصعود إلى دار العقبى والعالم العلوي. إذن فليقدّر الانسان لحظات عمره القصيرة في الدنيا ولينتهزها حتى أقصى لحظة.
يشبّه أحد العلماء أرواح الناس بالغواصين الذين يبحثون عن اللؤلؤ والمرجان ويضطرّون لأجل ذلك للغوص إلى أعماق البحار ، والغوص يستحيل على الغواص إلّا أنْ يصحب معه ثقلاً ثم يفصله عند ما يعثر على اللؤلؤ أو المرجان المستهدف لكي يمكنه أن يطفو على سطح الماء تارة اخرَى.
الانسان في هذه الحياة بمثابة الغواص الباحث عن اللؤلؤ والمرجان المعنوي ، وهي المقامات والكمالات الاخلاقية والطاعات العبودية ، خضوعاً لله الأحد في بحر الوجود الموّاج ، قضاءً لأيام من الاسر في عالم التراب ، والانسان الموفّق والناجح والمنتصر فيه هو الانسان الذي اصطاد صيداً جيداً واستطاع تحرير نفسه من قيد جسمه الترابي صعوداً نحو دار البقاء متحرّراً من كل قيد.
اختلاف هذه الآية مع الآية ٢٤ من سورة يونس
جاء ما يلي في الآية ٢٤ من سورة يونس والتي تقدَّم الحديث عنها في المثل الثامن عشر :
(إِنَّمَا مَثَلُ الحَيَاةِ الدُّنيا كَمَاءٍ أنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الأرْض مِمَّا يَأكُلُ النّاسُ والأنْعَامُ حَتَّى إذَا أخَذَتِ الأرْضُ زُخْرُفَهَا وأزَّيّنَتْ وَظَنَّ أَهلُها أنَّهُمْ قَادِرونَ عَلَيْها أتَاهَا أمْرُنا لَيْلاً أوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاها حَصِيدَاً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بالأمْسِ كَذَلِك نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)
والسؤال : هل المثل المذكور في الآية ٤٥ من سورة الكهف تكرار للمثل المذكور في الآية ٢٤ من سورة يونس من حيث اتحاد وجه التشبيه فيهما؟
الجواب : المثلان مختلفان وليسا مكرَّرين ؛ لأنَّ الحديث في المثل المطروح في سورة يونس