للدنيا ، وإذا اتّخذت جسراً لبلوغ الأهداف المعنوية السامية كانت آخرة.
٢ ـ الدنيا من وجهة نظر الروايات
في الروايات نجد مباحث كثيرة وواسعة عن الدنيا ، بل يمكن القول بأنَّ الدنيا من أوسع المباحث المطروحة في الروايات.
من المباحث المطروحة في الروايات عن الدنيا هو التمثيل لها ، نشير إلى نماذج منها.
الف : يقول الإمام الكاظم عليهالسلام :
«مثل الدنيا مثل ماء البحر كُلَّما شرب منه العطشان ازداد عطشاً حتى يقتله» (١).
وفقاً لهذا الحديث كون الدنيا لا تروي عطش أيٍّ من عَبَدة الدنيا ، وإذا ظنَّ أحد أنَّه سيقتنع ، بمستوى خاصٍ من مستويات الدنيا ومقاماتها فإنَّ ظنَّه وَهْمٌ وخيال لا أكثر ، ومن المحالات ، وعكسه ، أي طلب الزيادة ، هو الواقع الصادق.
لم يبلغ أثرياء الدنيا الكبار مستواهم المعاشي ودنياهم الدنية إلَّا بعد ارتكاب جرائم تنفر النفس لبيانها فضلاً عن أرتكابها ، وقد أعدوا لهم إثر هذه الجرائم حياة كمالية اسطورية يصعب تصوّرها على الآخرين ، فقد قيل في بعضهم أن له حوض سباحة في طائرته الخاصة.
لكن يا ترى هل يشبعون؟ وهل ذلك يروي ضمأهم؟ كلا ، انّهم يسعون لاكتساب الأكثر فالأكثر دائماً ، ولأجل ذلك يقتحمون كل مجالات التجارة مهما كانت ، فيتاجرون بالأسلحة التي يُقتل بها المذنبون وغير المذنبين سواء ، كما يتاجرون بالأسلحة الكيمياوية التي يكفي قذيفة منها لقتل الآلآف من المدنيين العُزَّل بأبشع وجه ، فيضيق العيش عندئذٍ لا على البشر فحسب بل على جميع الموجودات الحية ، رغم ذلك فهم غير مكترثين بالعواقب المفجعة والوحشية لهذه الأعمال والتجارة ، وما يهمهم هو زيادة أرباحهم وأموالهم.
إنَّهم مستعدون ـ لإرواء عطشهم تجاه الدنيا لأن يتاجروا بالمخدرات وأن يحطّموا عوائل ومجتمعات ويسلبوا الشباب إرادتهم بهذه المواد ؛ وذلك لأجل زخرفة دنياهم أكثر فأكثر.
__________________
(١) ميزان الحكمة ، الباب ١٢٥٣ ، الحديث ٦٠٠٩.