الجواب : يجيب الامام علي عليهالسلام كما يلي : «إنَّ الله تبارك وتعالى لا يُنسب إلى العجز والذي سألتني لا يكون» (١).
لكن هذا السؤال غلط مِن الأساس ؛ لأنَّ مفهوم هذا السؤال كون العالم كبيراً وصغيراً في ذات الوقت ، وهو من قبيل القول بأن موجوداً طوله عشرين متراً وعشر أمتار في آن واحد ، فهذا تناقض محال. ولو طلبت من طالب أن يقسّم عشرين جوزة بين ثلاثين طالباً على أن لا يصل لكلٍّ منهم أقل من جوزة كاملة ما استطاع الطالب فعل ذلك ، فهل التقصير منه أو من طلبتك غير الممكنة؟ طبيعي أن لا تعكس هذه المسألة عجز الطالب بل انَّ المسألة غلط.
الامام علي عليهالسلام عند ما وجد في السائل ذهنية جيدة ومعرفة بمسائل من قبيل التناقض والامكان وما شابه أجابه بما تقدَّم من جواب.
ذات السؤال سأله آخر من الامام الرضا عليهالسلام فكان جواب الامام الرضا عليهالسلام مختلفاً عن جواب الامام علي عليهالسلام ، فقد قال له : «نعم وفي أصغر من البيضة ، وقد جعلها في عينك ، وهي أقل من البيضة ؛ لأنك إذا فتحتها عاينت السماء والأرض وما بينهما ، ولو شاء لأعماك عنها» (٢).
وجواب الامام كان متناسباً مع عقلية المخاطب وقابليته وقدرته على الاستيعاب.
النتيجة : هي ضرورة اختلاف الخطاب باختلاف المخاطب من حيث القدرة على الاستيعاب والقابلية على إدراك المفاهيم (٣) ، وهذا لا يعدُّ نقصاً ولا يُحمل على قلة معلومات المتكلم بل يعد فناً عظيماً يكشف عن قدرة المتكلم على البيان ، ولذلك على مبلغينا أن يلمّوا بألسن جميع المخاطبين وعقليّاتهم لكي ينفذوا في قلوب الجميع ويؤثروا أثرهم وإلَّا فيُحرمون من الموفقية.
٢ ـ منع الجدال
الجدال والمراء عن غير حق حرام في الاسلام ، ويعد من الكبائر ، ولذلك لا يرضى الاسلام
__________________
(١) بحار الأنوار ٤ : ١٤٣ ، الحديث ١٠.
(٢) البحار ٤ : ١٤٣ ، الحديث ١٢.
(٣) للمزيد راجع نفحات القرآن ٤ : ١٧١ فما بعدها.