شريكاً له وخرجوا عن صفوف الموحّدين بمثابة الذي يسقط من السماء ، ومن الطبيعي أن لا يعيش الذي يسقط من السماء إلى الأرض.
(فَتَخْطَفُهُ الطيرُ أَوْ تَهْوي بِهِ الرِّيحُ وفي مَكَانٍ سَحِيقٍ)
المشرك الذي يسقط من السماء إلى الأرض لا ينجو ؛ لأنه سبيتلى ـ وهو معلق في الهواء ـ بأحد مصيرين نتيجة كلٍّ منهما الموت والفناء.
الأول : أن يقع فريسة للطيور الجوارح آكلات اللحوم والجيف ، بحيث كل طير منها تلتقم جزءً من لحمه ، وعندها لا يصل إلى الأرض إلَّا عظامه.
الثاني : إذا لم يبتل بالطيور المتقدّم ذكرها فسيبتلي بالأثناء برياح وعواصف تلقيه في مكان بعيد لا يصله انسان لكي ينقذه.
وخلاصة الكلام أن المشرك شُبِّه في هذه الآية بالذي يسقط من السماء نحو الأرض ويبتلي في الأثناء بطيور جوارح آكلة لحوم أو رياح وعواصف تلقي به إلى مكان سحيق يستحيل على انسان الوصول إليه.
خطابات الآية
١ ـ ما المراد من الطيور؟
لا يبعد أن يراد من الطيور المتقدّم ذكرها هو الاهواء (١).
المشرك مبتلى بالأهواء ، فبعض من الأهواء تُذهب بماء وجه الانسان ، وبعضها الآخر تُذهب بانسانية الانسان ، وبعضها الآخر تُذهب بشجاعة الانسان أو مروّته أو غير ذلك ، وفي النتيجة لا يبقى من الانسان المشرك شيء ، بل طيور الأهواء والهوى والهوس تأكل كل ما لديه من شخصية وانسانية.
٢ ـ ما المراد من الريح
قد يكون المراد من الريح التي أشارت إليه الآية والذي يلقي الانسان الساقط إلى أماكن
__________________
(١) انظر الأمثل ١٠ : ٣٠٦.