أو من قبيل ما يعتقده البعض من أن الله تعالى أرفع شأناً من أن تحيط به الأفكار ، ولا يمكن للأفكار أن تفعل ذلك ، ولا فائدة في ربٍّ لا تحيط به الأفكار ، لذلك ينبغي أن نبحث عن مخلوقاته التي هي في متناول أيدينا ويمكن للأفكار أن تحيط بها فنعبد بعضاً منها. وهذا ممَّا نجده عند بعض الفرق الصوفية المنحرفة ، فالمرشد لهذه الفرق يقول لمريديه : عند ما تصلون للآية : (إيَّاكَ نَعْبُدُ وإيَّاكَ نَسْتَعِينَ) في الصلاة تصوّروا مرادكم ومرشدكم ، وهذا هو نقطة بداية الانحراف نحو الشرك.
على أي حال ، كان للأنبياء والرسل أطول مواجهة مع الشرك والمشركين ؛ لكون الشرك بلاءً كبيراً على الانسانية في الماضي والحاضر.
أساليب مواجهة عبادة الأصنام
سؤال : ضرورة مواجهة الشرك وعبادة الأصنام أمر بديهي وواضح ، لكن ما هي أساليب هذه المواجهة؟ وما هي الأساليب التي اختارها الأنبياء والأوصياء لمواجهة هذه الظاهرة؟ وكيف كان تعاملهم مع هذا الانحراف الخطر والعظيم والمعقَّد؟
الجواب : وفقاً لما جاء في القرآن المجيد فإن الأنبياء سلكوا أساليب متنوّعة لمواجهة الشرك وعبادة الأصنام نشير إلى نماذج منها :
الأول : تعريف الناس وبخاصة المشركين بخالق الكون الأصيل. وقد أشار القرآن إلى هذا الاسلوب في الآية ٦١ من سورة العنكبوت من خلال طرح سؤال والإجابة عليه ، حيث جاء هناك :
(وَلَئِنْ سَألتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماوَاتِ والأرْضَ وسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ فأنَّى يُؤْفَكُونَ)
أي أنَّ الله خالقنا ورازقنا وولي نعمنا وملجأنا ومحيينا ومميتنا ، وإذا كان كذلك فلما ذا نعبد أصناماً من دونه؟ ألا ينبغي للانسان أن يسلِّم نفسه لولي نعمته ويخضع له؟
سعى الأنبياء لإيقاظ فطرة المشركين ومسح الغبار عنها لربطها بخالقها الأصلي وتوحيدهم إيّاه.