تقدَّم أن الآية ٣٥ من سورة النور عبارة عن مثلين ، مضى الحديث عن المثل الأول حيث شبِّهت ذات الله بنور السماوات والارض ، أمَّا المثل الثاني فيبدأ من عبارة (مَثَلُ نُورِهِ ...) إلى آخر الآية.
طرحت بحوث كثيرة في ذيل المثل الثاني ، فكل صاحب تخصُّص نظر إلى الآية من زاوية تخصصه ، وفسَّر علماء الكلام الآية من وجهة نظرهم ، وفسرها الفلاسفة من وجهة نظرهم الخاصة ، وفسَّرها العرفاء من وجهة نظر عرفانية ، وفسَّرها مفسرو القرآن بما يتلاءم مع اختصاصهم ، سنشير إلى بعض من هذه التفاسير ، وقبل البتِّ بالتفسير نورد توضيحاً حول السراج أو المصباح.
السراج في التاريخ
كان الانسان يعيش في الظلام قبل اكتشاف النار ، وما كان يستفيد إلَّا من الأنوار الطبيعية ، مثل الشمس والقمر والنجوم ، ثم اكتشف أكبر وأهم نعمة إلهية ، وهي النار ، بعد ما شاهد القدحة الحاصلة من اصطكاك شيئين أو احتراق مواد جافة لسبب ما ، عندها حصل تحوّل عظيم من جميع الجوانب في حياة البشر ، بحيث يمكن الادّعاء بأنَّ النار أهم سبب للتقدُّم الصناعي ولتسهيل العيش على الأرض.
استخدم الانسان النار لإيجاد الحرارة وللإضاءة كذلك ، وصنع لهذا الغرض وسائل تكاملت تدريجياً ، منها : السراج الذي اعدَّ لأجل استخدام النار للإضاءة.
السراج الذي كان يستخدمه الانسان في عصر الجاهلية وأوائل ظهور الاسلام داخل ضمن سلسلة التكامل الذي نالته الصناعات البشرية ، وهو آنذاك كان يتكوّن من خمسة أجزاء ، ومورد الآية هو السراج الذي كان يُستخدم آنذاك ، لنتعرف هنا على أجزائه الخمسة.
١ ـ الفتيلة ، وهي الخرقة التي تجتذب الوقود لتحترق وتُضيء ، والتي عُبِّر عنها بالمصباح في الآية الكريمة.
٢ ـ الزجاجة ، وهي التي توضع فوق الفتيلة لكي تنظم جريان الهواء ، ولا تترك الفتيلة تخرج منها دخاناً بسبب عدم الاحتراق الكامل ، الأمر الذي يؤدي إلى اسوداد السقف بسخام