فقال له العالم : أدلّك على طريق يبلغ بك إلى الرؤية ، كُل هذه الليلة طعاماً مالحاً جداً ونم دون أن تشرب ماء بعده.
عمل هذا الشخص بوصفة هذا العظيم ، فنام عطشاناً ، وقد سرق العطش منه النوم إلَّا أنه كان ينام بين الحين والآخر وكلَّما نام شاهد في المنام ماءً وأنهاراً ومنامات تتعلَّق بالماء فقط ولم يرَ في المنام شيئاً غير الماء. وفي الصباح استيقظ وقال مع نفسه : عملت بوصفه ذلك الرجل ولم أرَ إلَّا الماء ، فذهب وحكى له ما جرى ، فأجاب ذلك الرجل : إنك كنت أمس عطاشاً ومشتاقاً للماء حقاً فما رأيت في منامك غيره ، ولو كنت مشتاقاً لرؤية الحجة بن الحسن حقاً (عجل الله فرجه) لرأيته.
يناسب بحثنا رواية وردت عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقد قال في طعم الإيمان : «ثلاثٌ مَن كنَّ فيه ذاق طعم الإيمان ، مَن كان لا شيء أحبُّ إليه من الله ورسوله ، ومَن كان لإنْ يُحرَق بالنار أحب إليه مِن أنْ يرتدَّ عَن دينه ، ومن كان يحبُّ لله ويُبغض لله» (١).
وجود هذه الثلاثة في الانسان يعني الالتفات والتوجّه الخالص لله لا للزوج والأولاد والأهواء والجيران والأصدقاء والمعارف ، كما تعني اختيار الانسان الحرق بالنار فيما لو خُيِّر بينه وبين البقاء على دينه ، كما تعني أن لا يعادي إلَّا مَن أراد الله معاداته وان لا يحب إلَّا من أحبه الله ، أي أن علاقاته تبتني على حبّ الله وبغضه ، عندئذٍ يذوق الانسان طعم الإيمان وحلاوته.
وهناك رواية اخرى يقول فيها الرسول صلىاللهعليهوآله :
«مَن كَانَ أكثرُ همّه نيل الشهوات نزعَ من قلبه حلاوة الإيمان» (٢).
كيف يقوى إيماننا؟
سؤال : مع الأخذ بنظر الاعتبار الأهمية القصوى للايمان ، فما نعمل لتقويته؟ أو كيف يمكننا
__________________
(١) تنبيه الخواطر (من مجموعة ورّام) ٢ : ١١٦.
(٢) ميزان الحكمة ، الباب ٢٨٢ ، الحديث ١٣٧٤.