واحدة وفي وقت واحد؟ وهل يجوز استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى واحد؟
الجواب : نعتقد أن ذلك ليس جائزاً فحسب بل يُعدُّ فناً ويكشف عن بلاغة المتكلم وجمال وعمق كلامه ؛ فاستعمال اللفظ في أكثر من معنى من محاسن الكلام وكماله (١).
وعلى هذا ، فلا مانع للآية أن يكون لها سبعون تفسيراً قصدها المتكلم جميعاً ، ونجد نماذج لذلك في باقي مجالات اللغة العربية بل حتى غير العربية. وعلى سبيل المثال ذُكر سبعون معنى لمفردة العين ، كعضو الانسان المعروف والذهب والشمس وغير ذلك. وقد وصف أحد الشعراء الرسول صلىاللهعليهوآله بالبيتين التاليين :
المرتجى في الدُّجى والمبتلى بعمى |
|
والمشتكى ضمئاً والمبتغى ديناً |
يأتون سدته من كل ناحية |
|
ويستفيدون من نعمائه عيناً |
أي أنَّ طوائف أربع تأتي للرسول وتطلب منه شيئاً ، هم :
١ ـ المبتلون بالظلمات يأتون لعين وشمس وجوده.
٢ ـ العُمي الذين يقبلون عليه لنعمة عينه.
٣ ـ الفقراء يأتونه لطلب العين ، أي الذهب.
٤ ـ المسلمون الذين يشعرون بالظمأ فيقدمون له لطلب عين الماء.
ضمَّن هذا الشاعر الماهر المعاني الأربعة للعين في مفردة العين التي وردت في شعره.
على أي حالٍ ، لا مانع من استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحدٍ ، ولهذا يمكن للآية الواحدة أن يكون لها عدَّة معاني وتفاسير ، على أن يكون لكلِّ تفسير شواهده وقرائنه لا أن يكون تفسيراً اجتهادياً وبالرأي ، فنحن ممنوعون من ذلك.
بعد هذه المقدمة نَبتُّ بالتفسيرين الآخرين لهذه الآية.
الف : التفسير الفلسفي
ذكر الفلاسفة تفاسير متعدِّدة لهذه الآية نشير إلى واحدٍ منها.
__________________
(١) بحث هذا الموضوع علماء الاصول ، منهم الاستاذ في كتابه : أنوار الاصول ١ : ١٤١ ، وقد أشبعه بحثاً هناك.