(وَمَنْ لَمْ يَجْعَل اللهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ)
الله مصدر كل ضوء ونور ، ومن أراد النور فعليه اخذه من مصدره ، وهذا هو المراد من هذه الآية ، والمراد من النور هنا نور المعنوية والعلم والمعرفة والإيمان ، وما يمكن الحصول عليه إلَّا من منبع النور.
أعمال الكفَّار مثل الشخص الذي ذكرته الآية حيث يكون في قعر بحر مظلم تراكمت عليه الظلمات بحيث لا يمكنه رؤية يده ، عكس المؤمنين فانَّ نور إيمانهم نور على نور ، يفيد منه الآخرون كما يفيد المؤمنون ذاتهم منه.
خطابات الآية
١ ـ أعمال الكافرين فقط ، لماذا؟
سؤال : أهم عامل يشكّل شخصية الانسان هو العقيدة والإيمان ، فلما ذا شُبِّهت أعمال الكافرين فقط هنا بالظلمات ولم تُشبَّه عقائدهم وكلامهم؟
الجواب : عمل الانسان ترجمة لعقيدته وطريقة تفكيره ، وفي الحقيقة العمل يكشف عن ماهية الانسان وواقعه ولا يدع مجالاً للنفاق إلى مدَّة طويلة ، مع أنَّ بالامكان إخفاء العقائد الفاسدة والتفوّه كذباً بما يعاكسها بحيث يبدو الانسان صاحب عقائد صالحة.
الايمان القوي هو الذي يظهر أثره في العمل ، وقد جاء في تعريف الإيمان : «الإيمان عقد بالقلب ولفظ باللسان وعمل بالجوارح» (١).
رغم أن العقيدة والايمان يشكلان أهم عاملين لشخصية الانسان ، لكن العقيدة تتجسّد في القول والعمل ، وامكانية النفاق في القول كثيرة ، وعمل الفرد هو الذي يكشف عن شخصيته ، والآية أكَّدت على أعمال الكفَّار رغم أنَّ عقائدهم وأقوالهم كأعمالهم ظلمات في ظلمات.
٢ ـ «ظُلُماتُ بعضُها فَوْقَ بَعْضٍ» إلى أي شيء تشير؟
يقول البعض : إن الظلمات الثلاث ناظرة إلى عقائد الكفَّار وأقوالهم وأعمالهم.
__________________
(١) ميزان الحكمة ، الحديث ١٢٦٣.