وفسدت ، وسبب ذلك الانسان نفسه.
علينا أن نوفّر الأرضية اللازمة للنيل من الفيض الإلهي في كل اللحظات.
من هنا يتّضح الجواب عن سبب قولنا في الصلاة : (إهْدِنَا الصِّراط المُسْتَقِيم) ، مع أنا لو كنا في غير الصراط المستقيم لما كنا نصلّي؟ أليس ذلك تحصيل حاصل؟
وجوابه : أنا بحاجة إلى فيض الله تعالى ونوره في كل لحظة ، ولهذا علينا الحفاظ على هذه القابلية دائماً وفي كل وقت وعلى كل حال لكي نكون أهلاً لنور الايمان ، كما هو شأن المصباح الكهربائي الذي يحتاج إلى الكهرباء في كل آن ولحظة وإلَّا فينطفأ بمجرّد انقطاع التيار.
في هذا المجال يُنقل عن الرسول صلىاللهعليهوآله قوله دائماً :
«إلهي لا تكلني إلى نفسي طرفة عينٍ أبداً» (١) ، وهذا الحديث يشير إلى حقيقة هي : أنَّ الانسان يستعدُّ لتقبُّل الهداية الإلهية بعناية منه تعالى ، ولا تتأتَّى هذه العناية إلَّا في ظلِّ سعي الانسان في طريق العبودية.
مباحث تكميلية
١ ـ مظاهر من نور الإيمان
في أول إجراء اتّخذه الرسول بعد الهجرة من مكة إلى المدينة أمر ببناء مسجد وتشكيل حكومة اسلامية. وعلى هذا كيف يمكن القول بفصل الدين عن السياسة؟
من خلال الدراسة المبسطة لسيرة حياة رسول الله صلىاللهعليهوآله نعرف أن المسجد في ذلك العهد كان بمثابة المقر والمركز للقيادة رغم بساطته.
وفقاً لما جاء في الكتب التاريخية فان مسجد الرسول صلىاللهعليهوآله كان عبارة عن أربعة جدران بُنيت من الوحل ، ولم يكن له سقف ، وكان ارتفاع الجدران بمستوى قامة انسان ، وما كان بالامكان الاستفادة منه عند هطول الأمطار ، لذلك جاء بعض الصحابة إلى الرسول صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) نقل هذا الدعاء عن الرسول صلىاللهعليهوآله والائمة المعصومين عليهمالسلام بألفاظ مختلفة ، وفي مجالات مختلفة ، ننقل ثلاثة منها : ١ ـ بحار الأنوار ١٤ : ٣٨٤ ، ٢ ـ بحار الأنوار ١٦ : ٢١٨ ، ٣ ـ بحار الأنوار ١٨ : ٢٠٤ ، ولم نعثر على رواية تدلُّ على أن الرسول صلىاللهعليهوآله كان يكرّر هذا الدعاء يومياً.