فنظرنا فيها إلى قصور المدائن ، ثمّ ضرب اخرَى فبرقت برقة فنظرنا فيها إلى قصور اليمن ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أما إنّه سيفتح الله عليكم هذه المواطن التي برقت فيها البرق ، ثم انهال علينا الجبل كما ينهال الرمل» (١).
هزأ المنافقون من تنبؤات الرسول ، وقالوا : كيف سيفتح المسلمون هذه البقاع وهم يعيشون حالياً تحديات تهدد وجودهم ودينهم ، وما أستطاعوا الغلبة على المشركين العرب فضلاً عن غيرهم. انتهت الخندق بنجاج المسلمين وانتصارهم ورفعة رأسهم ، ولم يمضِ زمن طويل من تنبؤات الرسول صلىاللهعليهوآله حتى رأى المسلمون تحقّقها في أرض الواقع ، واستطاع الاسلام بعد خمسين عاماً من الحادث السيطرة على أجزاء كبيرة من العالم.
نعم ، ذلك امتياز نور الإيمان حيث يزداد بريقه وضياؤه بمرور الزمن ليبدو أفضل من ذي قبل دائماً ، أمَّا الأعمال السوداء لغير المؤمنين فتزداد ظلاماً بمرور الزمن.
كل ما لنا فقد حصلنا عليه في ظل الايمان ، ويكفي للمؤمن أن يكون الله وليَّه يهديه من وادي الظلمات إلى النور ، وبئس حال الكفار ، الذين وليُّهم الشياطين يخرجونهم من وادي النور إلى وادي الظلمات.
٢ ـ علامة الإيمان
في نهاية البحث ننقل رواية عن الرسول صلىاللهعليهوآله يحكي فيها واحدة من علائم المؤمن :
«لا يستكمل عبدٌ الإيمان حتى يحبُّ للغير ما يحبُّ لنفسه» (٢).
من السهل التفوّه بهذه العلامة ، ولكن من الصعب جداً العمل بها.
__________________
(١) البحار ٢٠ : ٢١٩.
(٢) كنز العمال ، الحديث ١٠٦.