الصنم يلوّث الانسان بكثير من الذنوب ، من قبيل : المسكرات والمخدرات والسرقة والتهريب والقتل وما شابه. كثير من المجازر التي تُرتكب في الوقت الراهن تحصل بدافع من اتباع الهوى والنفس. إنَّ مجزرة هيروشيما من قبل امريكا وقصف مدينة حلبجة بالاسلحة الكيمياوية من قبل النظام العراقي ودفن النساء والأطفال البوسنيين وهم أحياء ، كلها من الآثار المخرّبة لحكومة الاهواء على حياة البشر.
على أي حال ، لا مشكلة ولا صعوبة في تمييز الحق عن الباطل ، على أن لا يتَّبع الانسان هواه.
الثالث :(أمْ تَحْسَبُ أنَّ أكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أو يَعْقِلونَ) (١).
في هذه الآية يخاطب الله تعالى المشركين ويجيب على كلامهم الوارد في آية المثل ، قائلاً للرسول : إنَّ أكثرهم لا عقل لهم يدركون به ولا آذان لهم يسمعون بها ، فهم كالحيوانات العاجزة عن الإدراك ، بل هم أضلُّ سبيلاً من الحيوانات ، فإن صوت الحق ملأ العالم ، وآيات الله وآثاره موجودة في كل مكان ، لكن سماع صوت الحق ومشاهدة آثار الله وآياته تستدعي آذاناً تصغي وعيناً تشاهد وعقلاً يعي ويدرك ، وهم يفقدون هذه الأشياء.
لو أن ضوء الشمس ملأ الأرض كلها ما استطاع الأعمى أن يراه ، كما أن الأصم لو كان جالساً على شاطئ البحر ما كان بإمكانه أن يسمع صوت أمواجه ، وهذا هو شأن الكفار فلا يسمعون الحق ولا يرونه ولا يدركونه ، فهم كالأنعام بل أضل.
لماذا شُبِّه الكفار بالحيوانات؟
كما لاحظنا فان الله شبَّه الكفّار الذين لا يسمعون ولا يرون ولا يدركون من الحق شيئاً بالحيوانات ، بل اعتبرهم أضل من الحيوانات ، لكن لماذا؟
هناك وجوه شبه بين الكفار والحيوانات ، هي :
الف : لا تدرك الحيوانات شيئاً ، فلا قدرة لها على الفهم والاستيعاب ولا شعور لها ، وأعمالها
__________________
(١) الفرقان : ٤٤.