وقيمة ويعدوا صعوبة الكلام وتعقده كعمل غير قيمي بل مخالف للقيم.
الشرح والتفسير
الآيات ماضية الذكر (١) تحدثت عن المنافقين وخطر النفاق ، وقد تكون آيات المثل السابق ناظرة إلى مجموعة خاصة من المنافقين ؛ وهذه الايات ناظرة إلى مجموعة أخرى من ذوي الوجهين.
إنَّ مثل هؤلاء المنافقين حسب هذه الايات كمثل المسافر الذي يضل في صحراء ويتخلف عن قافلته في يوم ممطر ولا ملجأ يأويه ولا صديق يعينه ولا يعلم الطريق ولا ضوء ينير له الطريق ، في وقت ملئت ظلمات الغيوم السماء بحيث لا يصله حتى نور النجوم الضعيف ، والسماء ترتعد ، والبرق لا يزيده الا خوفاً ودهشة ، وذلك لشدة صوت ووقع الرعد والبرق في الصحاري ، وكأنّ البرق يريد أن يخطف بصره ويعميه ، وخوفه من الرعد يجره لوضع اصابعه في اذنيه وهو مرتجف خوف موت الصاعقة. ان المنافق بمثابة هذا المسافر.
(... واللهُ مُحِيطٌ بالْكَافِرِينَ) لقد فسرت الاحاطة في الاية بتفسيرين : الاول : الاحاطة العلمية لله. الثاني : احاطة الله من حيث قدرته. فاذا كانت الاحاطة بمعناها الاول فالاية تعني أنَّ الله يعلم بالكافرين. واذا كانت الاحاطة بمعناها الثاني فالاية تعني ان الله قادر على كل شيء ولا يخرج شيء عن دائرة قدرته.
(يَكَادُ البَرْقُ يَخْطِفُ أبْصَارَهُم) وذلك لأنَّ الإنسان إذا اعتاد على مكان مظلم ، ثُمَّ يُسلِّط على عينه ضوءً قوياً ، فانه سيكون حينئذٍ عرضة للعماء وفقدان البصر.
(كُلَّمَا أضَاءَ لَهُم مَشَوْا فِيه) هذا المسافر عند ما يشاهد البرق يفرح لأنّه اضاء له الطريق ، لكن فرصته لم تدم ؛ لأن الضوء سريعاً ما ينطفئ.
(وإذا أظْلِمَ عَلَيْهِم قَامُوا) أي يتوقف المسافر بعد ان انطفئ نور البرق ، ويرجع إلى حيرته السابقة.
__________________
(١) الايات ١٩ ـ ٢٠ من سورة البقرة.