التوحيد ينير القلب ويوحّد المجتمع ، أمَّا الشرك فلا يجلب معه إلَّا الظلمات والتشتّت والتفرقة في المجتمع ، ولهذا اختص ثلث القرآن بموضوع التوحيد والمسائل ذات الصلة به.
الشرح والتفسير
(مَثَلُ الَّذِينَ اتّخذوا مِنْ دُونِ اللهِ أوْلياءَ)
شبَّه الله تعالى المشركين هنا بالعنكبوت وأصنامهم ببيت العنكبوت ، والتشبيه لا يختص بالمشركين بل يشمل كل مَن اتّخذ إلهاً غير الله كولي لنفسه ، فالآية عامة دون اختصاص بالمشركين. وعلى هذا تكون شاملة لوثن المقام والسلطة والشهوة والأهواء النفسانية والثروة وكل ما يمكن أن يُعصى الله به.
(كَمَثَلِ العَنْكَبُوتِ اتَّخذتْ بَيْتاً)
أي أن مثل هؤلاء كمثل العنكبوت التي تتّخذ بيتاً لتلجأ إليه ، وهؤلاء قد يكونون مشركين أو غيرهم ممَّن اتخذ إلهاً غير الله ، ومثل آلهتهم كمثل بيت العنكبوت ، وهو قد يتمثَّل بالمقام أو الشهوة أو الصنم أو ما شابه ، فهذه كلها بيوت للعنكبوت.
(وإنَّ أوْهَنَ البُيُوتِ لبَيْتِ العَنْكَبُوتِ)
وهل يمكن الوثوق بمثل بيت العنكبوت؟ وهل يمكن الوثوق بغير الله والاطمئنان به؟
الجواب بالسلب قطعاً ؛ لأن بيوت العنكبوت من أوهن البيوت وأضعفها ؛ وذلك لأنها مصنوعة من مواد لا مقاومة لها أمام الحوادث ، وتتلاشى بقطرات ولو قليلة من المطر ، فضلاً عن السيول ، كما أنها تتلاشى بشعلة الشمعة الضعيفة ، فضلاً عن الحريق ، كما يكفيها نسيماً من الريح لتتلاشى دون حاجة إلى إعصار ، كما أنها تتلاشى بغبار بسيط وبما شابه ذلك وهذا يكشف عن ضعف هذه البيوت ، كما يلاحظها الجميع.
(لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)
أي أن الاتكاء على الأوثان المزبور كالاتكاء والوثوق ببيت العنكبوت لو كان هؤلاء يعلمون بذلك.