كلَّما ازدادت قابلية الانسان العلمية كلَّما ازداد نهماً منه.
أهمية العلم في ديننا بالغة بحيث يُعدُّ رأس الفضائل وغايتها (١) ، كما أنَّه من الأعمال الموصى بها في ليالي القدر ، رغم كون هذه الليالي للدعاء والمناجاة والتوبة (٢).
مباحث تكميلية
١ ـ لنعتبر من التاريخ
عند ما نتصفّح التاريخ نجد شواهد كثيرة تحكي عن ضعف وهون كلّ قدرة غير الله تعالى.
يحكي القرآن الكريم قصة قوم سبأ في الآيات ١٥ ـ ٢١ من سورة سبأ ، وهي نموذج كامل وشاهد حقيقي على ما نقول.
خلاصة قصة قوم سباً
كانت في بلاد قوم سبأ جبال تجري منها سيول عند هطول الأمطار ، ممَّا يؤدي إلى تدمير مزارعهم ومنازلهم ، فأقدموا على إيجاد سدٍّ ترابي يمنع وصول السيول إلى المزارع والمنازل ، ويبدو أنَّه أول سدٍّ بناه البشر ، فأوجدوا بحيرة عظيمة خلف السد ، كما أوجدوا قنوات لري المزارع والبساتين.
تبدّلت بلادهم ببركة هذا السد إلى مزرعة عامرة عظيمة ملؤها الأزهار والثمار والفواكه ، فازدهر اقتصادهم ، وكان منشأً لبلورة حضارة سمّيت باسمهم ، وقد بلغ الرفاه والنعم في بلدهم إلى درجة كانت الطرق جميعها مُظلَّلة بالاشجار المثمرة ، وكان المسافرون يمشون تحت ظل الاشجار ما داموا في هذا البلد ، كما كانوا في غنى عن حمل أمتعة معهم باعتبار وفرة فواكه واثمار أشجار الطريق ، بل كان يكفيهم أن يحملوا معهم سلة يملؤونها من أمتعة الطريق.
لكن وفور النعمة يبعث إلى الغرور والغفلة ، فقد بدأ يصدر من البعض ما يكشف عن
__________________
(١) ميزان الحكمة ، الباب ٢٨٣١ ، الحديث ١٣٣٣٠.
(٢) المصباح المنير (المشكيني) : ٣٩٥.