نكرانهم نعم الله ، فكانوا يقولون مثلاً : (يا له من وضع ، فقد كان السفر خاصاً بالأثرياء ، وحالياً الجميع بإمكانه السفر) ، أو (يا له من بلد تتّصل فيه القرى بالمدن والقرى بالقرى ، وكل مكان فيه مشجَّر ومعمور؟ يا رب فرّق بين القرى) ، وكثير من الكلمات الاخرى التي تصدر عن غفلة.
أدَّى نكران النعمة إلى نزول العذاب الإلهي وتدمير ما كان معموراً.
هل تعلمون كيف دمّر الله هذا البلد العامر؟ هل دمَّره بالقنابل النووية؟
كلا ، كانوا ضعفاء كبيت العنبكوت ، فما كانت الحاجة إلى قنابل نووية ، فقد أوكل الله وظيفة تدمير هذا البلد إلى مجموعة من الفئران ، لكي يُفهم الانسان أن كل قدرة غير الله ضعيفة كضعف بيت العنكبوت.
أوجدت الفئران ثقوباً صغيرة في السد توسَّعت هذه الثقوب تدريجياً إلى أن أدت إلى انهيار السد في ليلة تزامن مع صوت مرعب ، وغطى الماء البلد لكي يتبدَّل إلى مستنقع بعد ما كان يبدو بلداً أخضر من كثرة الأشجار والمزارع والبساتين ، ولم يعد بلداً مؤهلاً للعيش ، فهجره أهله إلى البلاد المجاورة.
٢ ـ أليس الاتكال على غير الله اتكال على بيت العنكبوت؟
النموذج الآخر للقدرات الشبيهة ببيت العنكبوت هو قدرة الشاه نادر قلي أفشار ، فقد استطاع بقدرته طرد الأفغان الذين كانوا يسيطرون على إيران ظلماً وعدواناً ثمّ أقدم على توسيع رقعة سلطته ، فهاجم عدَّة دول حتى وصل الهند وتحوّل إلى اسطورة ، لكنَّ هذه الأسطورة وافاها الأجل ببساطة. في ليلة غضب على أحد طباخيه ، وخوفاً من توقيع حكم إعدامه صباح اليوم اللاحق سابق الطباخ وأقدم على قتل نادر شاه ليلاً وقطع رأسه ، وهو نائم.
نعم ، هذا هو شأن كل قدرة بيت عنكبوتية ، وإذا دقَّق الناس فهموا أنه لا يمكن الوثوق بقدرة غير قدرة الله ، ولا يمكن الاتكاء على غير الوحيد الأحد.