الآخرون حتى الأنبياء والأولياء من حياة وحركة ونشاط يرجع إليه تعالى.
إذا قالت الشيعة بالتوسُّل بالأولياء فلا يعني ذلك قدرة الأولياء على العمل على نحو الاستقلال وأن قدرتهم على أداء شيء في عرض قدرة الله تعالى ، بل تعتقد الشيعة بقدرة هؤلاء على عمل شيء بإذنٍ من الله تعالى أو أن بإمكانهم الطلب من الله ليلبي حاجاتنا.
إذا استطاع عيسى عليهالسلام على إبصار الأعمى أو إحياء الموتى أو تبديل تمثالٍ لطير إلى طير حقيقي أو معالجة المرضى الذين انقطعت الآمال عن شفائهم ، فذلك كله بإذن الله لا أن عيسى عليهالسلام كان قادراً بنحو مستقل على تنفيذ هذه الأعمال ، كما صُرِّح بذلك في الآيّة ٤٩ من سورة آل عمران والآية ١١ من سورة المائدة.
خطأ الوهابية في نسبة الشرك إلى الشيعة وبعض الفرق السنية ينشأ من تصوّرهم أنَّا نقول بالقدرة المستقلة لكلٍّ من الأولياء ونعتبر قدرتهم في عرض قدرة الله ، مع أنَّا نعتقد في أولياء والائمة المعصومين نفس الاعتقاد الذي صرَّح به الله سبحانه في حق عيسى عليهالسلام.
يسرّني أن بعضاً من مفكّريهم التفت إلى هذا الخطأ وأصلح معتقداتهم في هذا المجال ، ونشرت له كتب تخص الموضوع (١).
٤ ـ التوحيد في الحاكمية
الحاكم الوحيد للكون هو الله تعالى ، ومَن أراد الحكومة فعليه كسب الإذن من الله والعلم وفق قوانينه ، وهذا ما يُطلق عليه التوحيد في الحاكمية ، وهو من فروع التوحيد.
الحكومات حتى حكومات الأنبياء تكتسب شرعيتها من تأييد الله لها ، وإذا شكّل النبي صلىاللهعليهوآله حكومة في المدينة فبإذنٍ من الله تعالى. وإذا شكّل الامام علي عليهالسلام حكومة في الكوفة فبأمر من رسول الله وإذن من الله ، وكذلك حكومة باقي الأئمة عليهمالسلام.
حكومة الولي الفقيه في هذا الزمان مشمولة بهذه الضابطة ، فالفقيه يتولّى الحكومة في عهد
__________________
(١) يمكن الاشارة في هذا الباب إلى كتاب (مفاهيم يجب أن تصحَّح) تأليف السيد محمّد بن علوي المالكي الحسيني ، وقد لاقى إقبالاً وانتشاراً واسعاً في العالم الاسلامي.