والسحاب وغيرها من الظواهر الطبيعية التي سميت في الروايات ملكاً. لقد جاء في رواية أنَّ كل قطرة تنزل من السماء يحتضنها ملك وينزلها إلى الارض. (١)
وبهذا التبرير أي اعتبار الجاذبية ملكاً يمكن القول بعدم التضاد بين الرؤى والكشفيات العلمية مع ما ورد في الروايات الدينية ، بل ينطبق احدهما على الاخر وتحل بذلك عقدة التضاد الظاهري بينهما.
٢ ـ الاختلاف بين المثلين
المثلان يتعلقان بالمسافر الذي ضل الطريق في صحراء ؛ لكن المسافر في المثل الأول يواجه خطر المجاعة والعطش والافتراس من قبل الحيوانات ، أمّا في المثل الثاني فان الأخطار التي تحدق به هي الاعصار والسيول والرعد والبرق والصاعقة. ومن الطبيعي ان تكون شدة الاخطار في المورد الثاني اكثر من المورد الأول وتجعل حياته عرضة للموت بشكل اشد.
يعتقد البعض أنَّ المثلين يحكيان حال طائفة خاصة وهي طائفة المنافقين عموماً ، إلّا أنِّي أرى أنَّ كلاً من المثلين يحكي حال قسم من المنافقين ، فان المنافقين ينقسمون إلى قسمين :
القسم الاول : هم المسلمون الذين ضعف ايمانهم عن مواجهة المطامع المادية والدنيوية مثل المال والجاه والمقام ، فلا يهابون الكذب وخلف الوعد ونكث العهد ؛ وصولاً لمآربهم الشخصية ، فهم في النتيجة (مسلمون ضعيفو الإيمان) امثال ثعلبة بن حاطب الذي تكلمنا عنه في الصفحات الماضية.
والقسم الآخر للمنافقين : هم اولئك الذين لم يدخل الايمان في قلوبهم ابداً وقد تظاهروا به فحسب دون ان يحملوه ، وذلك خوفاً من قدرة الإسلام أو طمعاً بمصالح المسلمين ، فهم في النتيجة (كفار متظاهرون بالاسلام) أمثال أبي سفيان ومعاوية ومروان.
ومن الواضح أنّ القسم الثاني هم الاعداء اللدودون للإسلام ووجودهم يشكل خطراً على الإسلام والمسلمين يفوق خطر القسم الاول بمرات ، ولذلك نرى أنّ المثل الأول ناظر إلى
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ١ : ٣٣٣ ، الحديث ٥.