وتسكين قلوبهم وطمئنتها من خلال نقل قصص ذات صلة. هذا من جانب ، ومن جانب آخر هدَّد فئة الأكثرية من المشركين وحذّرهم من الاغترار بكثرة نفوسهم وقدرتهم فقد تغلب الفئة القليلة الفئة الكثيرة.
يمكن النظر إلى آية المثل من زاويتين ، وفقاً لإحداهما تكون الآية تشجيعاً وطمئنة للأقلية ، ووفقاً لثانيهما تكون الآية تهديداً لأعداء الاسلام ومشركي مكة.
الشرح والتفسير
تذيّلت هذه الآيات بأبحاث مختلفة في الروايات والتفاسير ، نأتي بملخّصها هنا ، لكن قبل شرح الآيات نوضّح مفردة (قرية) و (أصحاب القرية).
القرية لغة تعني جمع الناس أو المصر الجامع ، ولهذا أطلق القرآن هذه المفردة على مكة (١) رغم كونها مدينة كبيرة آنذاك ، كما استخدمت هذه المفردة في مصر (٢) (البلد العربي المعروف) ، والقرية تُطلق على كل تجمّع للناس سواء كان ذلك في ريف أو مدينة ، وسواء في المدينة الكبيرة أو الصغيرة أو بلد ، فهي تصدق على كل تجمُّع سكاني انساني ، لكن المعنى المراد في الآية هو الاول ، أي تجمُّع الناس.
والمراد من أصحاب القرية هو أهالي انطاكية ، وهي مدينة تقع في جنوب شرقي تركيا على ضفاف البحر الأبيض المتوسط ، وقد كانت جزءً من الشامات في السابق ، أي جزءً من الروم الشرقية ، ووقعت بأيدي الفرنسيين في الحرب العالمية الاولى ، وقد أراد الفرنسيون إرجاعها إلى المسلمين آنذاك ؛ لكنهم وجدوا أغلب أهاليها من المسيحين واحتملوا إيذاءهم من قبل المسيحيين فأعطوها لتركيا.
كانت انطاكية قبل ظهور المسيح بلداً عامراً ومركزاً لتجمُّع المشركين وعبدة الأوثان ، وبعد بعثته أرسل إليها اثنين من حوارييه يُدعيان بولص وبرنابا (٣).
__________________
(١) النحل : ١١٢.
(٢) يوسف : ٨٢.
(٣) بولص اسم أحد الأناجيل الرائجة بين المسيحيين ، وبرنابا اسم انجيل آخر أقل رواجاً من سابقه ، لكن فيه مطالب