المشاق والمتاعب والسجن والتخطيط الصحيح وتغيير اسلوب الدعوة في الوقت المناسب.
وفقاً لهذا التفسير ، فإنَّ الآيات الثمان عشرة لهذا المثل عبارة عن طمئنة وتبشير للأقلية المسلمة المتواجدة في مكة ، فهي تخاطبهم : أيها المسلمون الذين تعيشون تحت وطأة الضغط والتعذيب ، لا تخافوا قلَّة عددكم ، فإنكم ستنتصرون على الأعداء الأكثرية في مكة إذا استقمتم وتحملتم المصاعب وواجهتهم المشاكل والمصائب وخططتم تخطيطاً صحيحاً واستخدمتم الاسلوب الأنجع في الإعلام والتبليغ ، رغم كثرة أعدائكم وتفوّقهم عليكم بالكمية.
وفقاً لنقلٍ وحكايةٍ اخرَى لهذه القصة ، شهدت عليه بعض الآيات حسب الظاهر ، فإنَّ رسل عيسى عليهالسلام قتلوا بعد ما بتّوا بالتبليغ هناك ولم يؤمن الملك ولا الناس بهذا الدين الجديد إلَّا البعض ، فابتلوا بعذاب الله ، وكان من نوع الصاعقة السماوية ، أشارت لها الآية ٢٩ من سورة يس : (إنْ كانَتْ إلَّاصَيْحَةً واحِدَةً فَإذَا هُمْ خامِدُونَ)
وفقاً لهذا التفسير ، فإن الآيات المتقدِّمة تهديداً للأكثرية المشركة في مكة ، وتخاطبهم : لا تغتروا بكثرتكم ، فلا حاجة للكثرة والعدد الكبير لتدميركم ، ويكفيكم صيحة الله لتوجد زلزال تحترقون به جميعكم.
إذن ، للآيات المزبورة تفسيران ، أحدهما : كونها طمئنة للمؤمنين ، وثانيهما : كونها تهديداً للمشركين.
خطابات الآيات
للآيات المزبورة خطابات كثيرة نقتنع بثلاثة منها :
١ ـ لا تخافوا قلَّة عددكم
لا ينبغي للمؤمنين أن يخافوا الأعداء لقلَّة عددهم ، وفي هذا المضمار يقول الامام علي عليهالسلام : «لا تستوحشوا في طريق الحق لقلّة أهله» (١) ، فإن القلَّة عند الله كثرة ، كما جاء في الآية الكريمة :
__________________
(١) نهج البلاغة ، الخطبة ٢٠١.