الخامس : بمعنى النموذج والاسوة ، كما ورد ذلك في آية المثل الذي نحن فيه ، أي الآية ٥٩ من سورة الزخرف.
المعنى الأول للمثل هو المعنى الوحيد الذي يدخل في صلب موضوع بحثنا ، ويخرج منه المعاني الأربعة الباقية ، فهي خارجة عن كونها أمثالاً قرآنية ، رغم أن البعض ضمّها إلى أمثال القرآن ، وهو أمر مؤسف ؛ لأنهم جعلوا كل آية اشتملت على مفردة المثل في عداد أمثال القرآن ، وذلك خطأ.
هل آية هذا البحث مثل قرآني؟
لهذه الآية تفاسير مختلفة ومتباينة ، تندرج في عنوان أمثال القرآن وفق بعض التفاسير ، وتخرج عنها وفق تفاسير اخرَى ، نلفت انتباهكم إلى بعض هذه التفاسير :
التفسير الأول
وفقاً لما جاء في الآية ٩٨ من سورة الأنبياء فان الأصنام وعبدتها كلاهما في النار ، حيث ورد فيها : (إنَّكُم وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أنْتُمْ لَهَا وارِدُون) ، أي أنهما يصبحان بمثابة الحطب لجهنَّم.
افتعل المشركون ضجيجاً بأن المسيح وفقاً لهذه الآية يدخل جهنم (نعوذ بالله) ؛ لأنه معبود لبعض المسيحيين ، وكذلك الملائكة (نعوذ بالله) ؛ لانها معبودات لبعض الناس ، وجادلوا في هذا الأمر وأخذوا يهزؤون بالرسول ويقولون : إذا كانت جهنَّم مأوى للملائكة ولعيسى فلا بدَّ وأن تكون مكاناً جيداً ، ونحن مستعدون للذهاب إليها من خلال عبادة الأصنام.
أجاب الله على هذه الضجَّة بقوله : عيسى عبد من عبادنا ، لم يدَّعِ الالوهية ، والمعبود الذي يدخل جهنَّم هو الذي يرضى بأن يُعبد ، أما المسيح لا أنه لم يرضَ على عبادة نفسه فحسب بل يكره ذلك ويتألَّم منه.
إذن ، ما كانت الضجّة التي افتعلها المشركون إلَّا جدلاً ومغالطة لا أكثر ، وهي بمثابة الفقاعة الجوفاء. وبهذا التفسير تخرج الآية عن كونها من أمثال القرآن.