التفسير الثاني
شبَّه الله تعالى المسيح عليهالسلام بآدم عليهالسلام في الآية ٥٩ من سورة آل عمران ، إذ قال : (إِنَّ مَثَلَ عِيْسى عِنْدَ اللهِ كَمثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ من تُراب) ، أي أنَّه كما استطاع خلق آدم من تراب ، يمكنه كذلك أن يخلق عيسى من مريم (سلام الله عليها) دون زواج.
إذا اعتبرنا الآية ٥٧ من سورة الزخرف تشير إلى هذا المثل وأن ضجيج المشركين كان لأجل هذا الموضوع ، فان الآية عندئذٍ تندرج في أمثال القرآن ، لأنها تشير إلى مثلٍ طرحه الله تعالى ، وقد استخدم فيه تشبيهاً جميلاً.
التفسير الثالث
عند ما انطرح مثل عيسى بدأ المشركون بافتعال ضجَّة قالوا فيها : إن الرسول يريد دعوة الناس إلى عبادته ، ولأجل التمهيد لذلك طرح مثل عيسى عليهالسلام باعتباره معبوداً للنصارى ، والقرآن ردّ على هذه الدعاوي بقوله : عيسى عبد من عبادنا ، ومن نعم الله على بني اسرائيل.
والآية مندرجة تحت أمثال القرآن وفقاً لهذا التفسير.
خطابات الآية
الضجيج من معالم الجاهلية
الجاهل انسان متعصّب ، والمتعصّب من أصحاب الضجيج لا من أصحاب المنطق.
للامام علي عليهالسلام خطبة في (نهج البلاغة) تُدعى القاصعة ، أشار فيها إلى الضجيج كبلاء كبير تعاني منه المجتمعات البشرية في الماضي والحاضر ، والخطبة وحدها تكفي للكشف عن مقام الأمير الرفيع وعلمه وعظمته ومنطقه.
يقول أمير المؤمنين في جزء من الخطبة : «فالله الله في كِبْر الحمية وفخر الجاهلية ، فإنَّه ملاقح الشنآنِ ومنافخ الشيطان التي خدع بها الامم الماضية والقرون الخالية حتى أعتقوا في