٤ ـ ظهور المنافقين في الإسلام
هل (جذور النفاق) بدأت من المدينة ام من مكة؟ قضية مختلف فيها.
ولاجل ايضاح الموضوع ودراسة تاريخ النفاق والمنافقين في الإسلام نستعين بالقرآن المجيد ، فقد جاءت آيات كثيرة في مجال النفاق ، والدراسة الاجمالية للموضوع يكشف عن استخدام هذه المادة ٣٧ مرة في القرآن.
لكن أمر النفاق والمنافقين لا ينحصر في هذه الموارد المحدودة ؛ وذلك لانا نجد الكثير من الايات تعرضت لهذه القضية من دون ذكر لهذه المادة أبداً ، كما هو الحال بالنسبة لثلاثة عشر آية من الايات الاوائل لسورة البقرة (١) فقد كان موضوعها النفاق من دون ان يأتي ذكر لمادة النفاق مباشرة بل استخدمت مواد مرادفة لمادة النفاق.
إنَّ الايات السبع والثلاثين التي تضمنت مادة النفاق ، نزلت كلها في المدينة ؛ ومن هنا يمكننا ان نستنتج ان القائلين ببدء النفاق من المدينة نظروا إلى ظاهر القرآن ، إلّا أنّ الافضل لنا ان نرجع إلى الوراء قليلاً لننظر إلى تاريخ حياة الرسول صلىاللهعليهوآله والنبوة وكيفية التبليغ ومراحل جهاد الرسول لاعداء الإسلام.
مراحل جهاد الرسول لاعداء الإسلام
ان مواجهة الكفار والمشركين للرسول صلىاللهعليهوآله والدين الاسلامي الحنيف ذات مراحل ست :
المرحلة الاولى : الاستهزاء والاستخفاف بالدين
بُعث محمد نبياً في غار حراء ونزلت آنذاك اول آيات القرآن عليه ، وأصبحت دعوته علنية بعد ثلاث سنوات من الكتمان والتستر في دعوة الناس إلى الدين الجديد.
كان المشركون والوثنيون يعتبرون هذا الدين خطراً على مصالحهم ، لكنهم ما كانوا يأخذونه مأخذاً جدياً لذا بادروا إلى الاستهزاء بالرسول ونسبة الجنون اليه.
يقول الله في هذا المجال في الاية ٦ من سورة الحجر : (قَالُوا يَا أيُّها الّذي نُزّلَ عَلَيْهِ الذّكْرَ إنَّكَ
__________________
(١) من الاية الثامنة وحتى العشرين.