علي يذهب لمساعدة زوجة شهيد ويقرّب وجهه من التنور ليذيق نفسه حرارته ، خوفاً من أن يغفل يوماً عن الأيتام.
علي يعيش العبودية دائماً ، فهو أسوة العابدين وقدوتهم ، وأحياناً يأتي بألف ركعة يومياً (١).
لا مثيل لإخلاص علي ، فكان قطعة من الإخلاص ، عند ما بارز عمرو بن عبد ود في معركة الخندق غلبه وكاد يقتله فبصق عمرو في وجه علي وشتمه فتوقف عن قتله ومشى قليلاً في ميدان المعركة ثم قتله ، وعند ما سأله المسلمون عن سبب ذلك الإجراء وأنّه لماذا لم يقتله مباشرة بعد ما تغلّب عليه ، قال : «قد كان لشتم امي وتفل في وجهي فخشيت أن أضربه لحظّ نفسي فتركتُهُ حتى سكن ما بي ثم قتلته في الله» (٢) ، أي أنه لو كانه قتله مباشرة كان لانتصار النفس سهم في قتله فهدّأ نفسه لكي يكون قتله خالصاً لوجه الله تعالى.
علائم الايمان كلها مطبوعة في سلوك علي ، وآثار العبادة تشع من وجهه النوراني.
مثل أصحاب الرسول في الإنجيل
قرأنا أوصاف أصحاب الرسول في التوراة من خلال الأسطر السابقة ، وهذا يكشف ضمنياً عن أن الرسول ليس الوحيد للذي كان قد ذُكر في التوراة والانجيل بل وكذلك أصحابه من خلال ذكر أوصافهم ، كما تقدم توضيح ذلك.
آية المثل أشارت إلى مثل أصحاب الرسول الحقيقين في الانجيل وقالت :
(وَمَثَلُهُمْ في الإنجيل كَزَرْعٍ)
أي مثل أصحاب الرسول الصادقين في كتاب النصارى السماوي (الانجيل) كمثل المزرعة أو الزرع الذي له مواصفات خمس.
١ ـ (أخْرَجَ شَطْئَهُ)
__________________
(١) انظر بحار الأنوار ٤١ : ٢٤. قد يشكك البعض في امكانية الإتيان بألف ركعة يومياً ، لكن العلامة الأميني يقول : كان في النجف مَن يأتي بألف ركعة في ثمان ساعات ، وبهذا ينتفي احتمال استحالة الأمر.
(٢) انظر بحار الأنوار ٤١ : ٥١.