للتجسس ، والأخير معلول لسوء الظن.
(أيُحِبُّ أحَدُكُمْ أنْ يَأكُلَ لَحْمَ أخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهُتُموهُ)
بعد ما بيَّن الله الذنوب الكبيرة الثلاثة ونهى المؤمنين عنها يضرب مثلاً للغيبة التي هي فاكهة مجالس أكثر الناس ، قائلاً : إنَّها بمثابة أكل لحم الأخ الميت ، وهل أحدٌ منكم مستعد لأكل لحم الأخ الميّت؟
سبب هذا التشبيه هو أنَّ الغيبة تذهب بماء وجه المغتاب ، وإذهاب ماء الوجه بمثابة قطع قطعة من بدنه ، بل قد يكون أصعب من ذلك. وبما أن المسلمين إخوة فاغتياب أحدهم الآخر بمثابة أكل لحم الأخ. وتشبيه الأخ المغتاب بالميّت باعتبار وجه الشبه بين الغائب عن المجلس والميت ، فان كلاهما عاجزان عن الدفاع عن انفسهما.
التمثيل عجيب جداً ، وهل يمكن تصوّر ما هو أسوء من أكل لحم الأخ الميّت؟ وهل يستعد أحدنا عمل ذلك ولو كان مجنوناً؟
يجيب القرآن على هذه التساؤلات بقوله :
(فَكَرِهْتُمُوهُ واتَّقُوا اللهِ إنَّ اللهَ توَّابٌ رَحِيمٌ)
نعم ، كلٌّ منا يكره عمل ذلك ويستاء منه. وعلى هذا ، ينبغي بالانسان أن يتقي الله ويتجنَّب الغيبة ، بل لا يفكّر بها ، فالتفكير بها تفكير بأَكل لحم الميت.
اتقوا الله واتركوا سوء الظن لكي لا تتجسّسوا ولا تطّلعوا على أسرار الآخرين ولكي لا تفشوها ، وإذا سبق وأن ارتكبتم هذه الذنوب أو ذنوباً اخرَى فعودوا إلى الله وتوبوا منها بعد ما أدركتم قبحها ، فالله يقبل التوبة ويغفر الذنوب ، فهو غفور رحيم.
خطاب الآية
الغيبة قبيحة للغاية
خطاب الآية الواضح والموجَّه للجميع هو أن التلاعب بكرامات الناس واستعابتهم بمثابة أكل لحم الانسان ، بل أكل لحم الانسان ميتاً ، وأي ميّت؟ ليس ميّت الأعداء بل ميّت الإخوان ، وهو عمل يصدر من الحيوانات الأكثر وحشية فقط. ومن الواضح أن الانسان لو