كان يحمل شيئاً بسيطاً من العاطفة لا يقدم على هذا العمل. إذن لماذا هذا التساهل في التلاعب بكرامة الانسان وماء وجهه واعتبار الغيبة فاكهة المجالس؟
مباحث تكميلية
١ ـ عاقبة الذي يستغيب
أيَّها القرَّاء المحترمون ، للغيبة عواقب سيئة كثيرة أشارت لها الروايات ، نكتفي هنا بذكر روايتين :
الف : جاء في رواية :
«مَن مات تائباً من الغيبة فهو آخر من يدخل الجنّة ومن مات مصرّاً عليها فهو أول من يدخل النار» (١).
باء : ورد في روايات أنَّ على الذي يستغيب أن يدفع غرامة غيبته ، وهي عبارة عن أخذ بعض ذنوب المغتاب (إذا كانت له ذنوب) ووضعها في صحيفة أعمال الذي يستغيب ، وإذا كان المغتاب خالياً من الذنوب تؤخذ بعض حسنات الذي استغاب وتعطى للمغتاب (٢).
وفي رواية : «يؤتى بأحد يوم القيامة يوقف بين يدي الله ويدفع إليه كتابه فلا يرى حسناته فيقول : إلهي ليس هذا كتابي ، فانّي لا أرى فيها طاعتي؟ فيقال له : إن ربّك لا يضل ولا ينسى ، ذهب عملك باغتياب الناس ...» (٣).
الروايات السالفة تكشف عن أن الغيبة من حقوق الناس ، وهي أشدّ وأصعب من حقوق الله ، ولهذا يجب احتياطاً إبراء الذمة من المغتاب ، وإذا كان في الإبراء مفسدة فعلية العمل للمغتاب بكثرة إلى درجة يجبر فيها سوء عمله تجاه المغتاب.
بئس المصير مصير من اغتاب شخصاً ومات الشخص قبل أن يبرء ذمته من الغيبة ، فلا يمكن الوصول إليه عندئذٍ ، لكن عليه الإكثار من الأعمال الصالحة له لكي ترضى روحه عليه.
__________________
(١) بحار الأنوار ٧٢ : ٢٢٢ ، المحجة البيضاء ٥ : ٢٥٢.
(٢) المحجة البيضاء ٥ : ١٢٥ (نقلاً عن أنوار الفقاهة ، المكاسب المحرمة : ٣٦٤).
(٣) ميزان الحكمة ، الباب ٣١٣٣ ، الحديث ١٥١٩٧.