٢ ـ لا نخدع أنفسنا
كثير من الناس يخدع نفسه في مجال الغيبة ويسعى لتبرير سوء عمله بنحو وآخر ، مثلاً عند ما نعترض على البعض ونأمره بعدم الغيبة يقول : (ذلك ليس غيبة ، بل إنّي أقول هذا أمامه) أو (هذه ليست غيبة بل إحدى صفاته) ، مع أن هذا تبرير خاطئ ؛ لأن الغيبة لو لم تكن ذكراً لاحدى صفات المغتاب كانت تهمة أو بهتاناً عليه ، وباعتبار كونها صفة لم يطّلع عليها الآخرون كانت غيبة ، وذكرها عند المغتاب لا أنه لا يحلُّ المشكلة بل يضاعف من الذنب ؛ لأنها تدخل عندئذٍ في باب إيذاء المؤمن ، وهو من الكبائر (١).
يتشبث البعض الآخر بعذر آخر من قبيل : (أنَّه أساء لي فأغتابه) ، مع أن هذا لا يسيغ الغيبة ، فلو أن شخصاً أساء لعرض آخر فهل يمكن للأخير أن يسيء لعرض الاول؟ بالطبع لا ؛ لأن الحاكم الشرعي هو الوحيد الذي يمكنه تعزير المذنب.
٣ ـ إضفاء صفة القداسة على الغيبة
البعض من الناس يغتاب الآخرين بظاهر شرعي مقدس ، كما لو سأله آخرون عن فلان فيجيبهم : (آسف على أن الشرع لم يسمح لي بالكلام عنه) ، وحديثه هذا أسوء من الغيبة ، ولو ذكر عيبه بصراحة كان أفضل بكثير من ما يتركه من إبهام واحتمالات كثيرة في ذهن المستمع لكلامه ، وقد قال بعض العلماء في هذا الكلام : إن صاحبه يتحمَّل ذنبين : الغيبة والرياء.
اللهم وفقنا جميعاً لترك هذه الذنوب الثلاثة وبالخصوص الغيبة.
__________________
(١) ورد في هذا المجال روايات كثيرة دلت على ما ذكر ، للمزيد راجع وسائل الشيعة الجزء ٨ ، أبواب أحكام العشرة ، الباب ١٤٥ و ١٤٦ و ١٤٧ و ١٤٨ ، ومجموع الروايات فيها تبلغ ٢٤ رواية.