يفعلونه في هذا المجال أنَّهم كانوا يوصون من يدخل المسجد الحرام بوضع قطنة في اذنه لكي لا يسمع شيئاً من كلام الرسول صلىاللهعليهوآله ويُسحر به (١).
ومن المؤسف أن هذا المنهج بأساليبه المتقدِّمة متَّبع حالياً ، سعياً للحؤول دون بلوغ صوت الحق أسماع الناس.
بعض التُّهم التي ألصقها المشركون بالرسول صلىاللهعليهوآله تكشف عن هذا المعنى ، منها : تهمة السحر التي أشارت إليها الآية الثانية من سورة يونس :
(قَالَ الكَافِرُونَ إنَّ هذَا لسَاحِرٌ مُبينٌ)
الشرح والتفسير
(لَوْ أنْزَلْنَا هَذَا القُرآنَ عَلَى جَبلٍ لَرَأيْتَهُ خَاشِعاً مُتصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ)
نعم ، لو أن هذا القرآن كان قد نزل على الجبال لتلاشت ، لكن الانسان الغافل يسمعه يُتلى على لسان الرسول صلىاللهعليهوآله ثلاثة وعشرين عاماً ، وقلبه لا يتأثر به ، وكأنَّه أقسى من الحجر.
وردت نظريتان في تفسير الآية الشريفة :
الاولى : لو كان للجبال عقل وإحساس وقابلية للاستيعاب والفهم وأنزلنا عليها هذا القرآن لخشعت ، أي أنَّ الآية قضية شرطية لتنبيه الانسان ، وأنَّ المفروض بالانسان أن يخشع قلبه للقرآن إذا كان له عقل ، لكنَّه لا يخشع للقرآن ولا يخضع له لماذا (٢)؟
الثانية : الآية ليست قضية شرطية بل حقيقة ؛ لأن لجميع الموجودات إدراكاً وإحساساً يناسبه (٣). وهذا المعنى انعكس في آيات عديدة ، منها : الآية الاولى من سورة التغابن ، إذ جاء هناك :
(يُسَبِّحُ للهِ مَا فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأرْضِ لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ)
__________________
(١) في هذا المجال وردت قصص كثيرة وجميلة مرَّ ذكر بعضها في الأمثال المتقدِّمة.
(٢) انظر مجمع البيان ٩ : ٢٦٦.
(٣) انظر مجمع البيان ٩ : ٢٦٦.