ونحن نبت بدراسة هذه الأوصاف الثلاثة ، أملاً بالتعرُّف على المنافقين من خلال هذه العلائم الثلاثة ، كما يتعرَّف الطبيب الخبير على المرض المزمن والخطر من خلال علائمه.
الشرح والتفسير
١ ـ (وإذا رأيْتَهُمْ تُعجِبُكَ أجسامُهُمْ)
صفة المنافقين الاولى هي أن لهم ظاهراً جذّاباً وخادعاً ، أمَّا باطنهم فضعيف ، ولا يتمتَّعون بشخصية ثابتة ، ولهذا يهتمّون بظاهرهم كثيراً ، فيبدون بظاهر قوي وجميل ومنتظم ، لكن حقيقتهم شيء آخر.
أيها النبي ، إذا نظرت لهم فلا يعجبك ظاهرهم ولا يخدعك ، وهم عكس المؤمنين ذوي الظاهر البسيط وشخصيات ثابتة وواقعية.
روى بعض المفسرين في صفة رئيس المنافقين (عبد الله بن ابي) : «كان عبد الله بن ابي رجلاً جسيماً صبيحاً فصيحاً ذلق اللسان ، وقوم من المنافقين في مثل صفته ، وهم رؤساء المدينة ، وكانوا يحضرون مجلس رسول الله صلىاللهعليهوآله فيستندون فيه ، ولهم جهارة المناظر وفصاحة الألسن ، فكان النبي صلىاللهعليهوآله ومن حضر يعجبون بهياكلهم ويسمعون إلى كلامهم» (١).
٢ ـ (وإن يَقولوا تَسْمَعُ لِقَوْلِهِمْ كَأنَّهم خُشُبٌ مسندة)
الصفة الثانية للمنافقين هي كونهم يشبهون الاخشاب التي تستند أحدها على الاخرى. (الخُشب) جمع (خَشَب) ، و (مسنَّدة) تعني اليابسة التي لا تعتمد على نفسها بل تحتاج لشيءٍ آخر تعتمد عليه (٢).
__________________
ولسان ذلق ومتملّق رغم الفراغ الباطني «وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم». ٥ ـ عدم الخضوع للحق والصلابة الظاهرية «كأنَّهم خشب مسنّدة». ٦ ـ سوء الظن والخوف من كل شيء باعتبار خيانتهم «يحسبون كل صيحة عليهم». ٧ ـ الاستهزاء بالحق «لووا رؤوسهم». ٨ ـ الفسق وارتكابهم الذنب «إنَّ الله لا يهدي القوم الفاسقين». ٩ ـ يعتبرون أنفسهم أغنياء ومالكين ، والناس بحاجة إليهم «هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا». ١٠ ـ يعتبرون أنفسهم أعزَّة والآخرين أذلّة «ليخرجنَّ الأعز منها الأذل». انظر الأمثل ١٨ : ٣٣٤ ـ ٣٣٥.
(١) الكشاف ٤ : ٥٤٠ (نقلاً عن الأمثل ١٨ : ٣٢٨).
(٢) قد تموت شجرة وتجفّ مكانها وتستند إلى جذورها ، وقد تقتطع الشجرة فتجفّ ، وعندها تكون بحاجة إلى ما