الإيمان ويصنّفون مع المؤمنين ويؤدون العبادات ، لكن قلوبهم تخلو من الإيمان أو فيها إيمان سقيم (١).
وقد ورد هذا المعنى في الروايات الاسلامية ، فقد ورد في واحدة منها أن الله خاطب عيسى بن مريم عليهالسلام بالخطاب التالي :
«يا عيسى ليكن لسانك في السرِّ والعلانية لساناً واحداً وكذلك قلبك ، إنّي احذّرك نفسك ، وكفى بي خبيراً ، لا يصلح لسانان في فمٍ واحدٍ ولا سيفان في غَمَدٍ واحد ولا قلبان في صدرٍ واحدٍ» (٢).
على أي حال ، النفاق هو أن يكون للانسان وجهان وظاهر يضاد الباطن ، ولا يمكن للانسان أن يتطهّر منه بالكامل إلَّا أنْ يتَّحد ظاهره مع باطنه ويتطابقا.
اللهم ، أعنَّا على هذا الأمر الخطر.
٢ ـ أخطار النفاق
خطر المافقين في كل مجتمع أشد من أي خطر آخر ، وخطر الأعداء الذين يعلنون الحرب أقل بكثير من خطر المنافقين ذوي الوجهين ؛ لأن الانسان عند ما يتعرَّف على أعدائه يستعد لمواجهتهم ويتّخذ الإجراءات اللازمة ضدهم ، أمَّا الأعداء الذين تقمّصوا الصداقة فإنَّهم يباغتون الانسان ويهجمون عليه قبل أن يستعد للمواجهة.
وهذا هو سبب كون خطر المنافقين أكثر وأشد من غيرهم من الأعداء. وإذا راجعنا تاريخ
__________________
(١) بالطبع ، للنفاق درجات ، فبعضها شديدة ويمكن تمييزها ببساطة ، وبعضها الآخر خفيفة يصعب تمييزها حتى على ذات الشخص ، وفي هذا المجال وردت روايات عديدة نشير إلى اثنين منها :
الف : في رواية لافتة يقول الرسول صلىاللهعليهوآله : «مَن خالفت سريرته علانيته فهو منافق كائناً من كان» ميزان الحكمة ، الباب ٣٩٣٢ ، الحديث ٢٠٢٩٠ ، والعموم الذي تفيده الرواية ممَّا يثير التأمل.
باء : وفي رواية لافتة أُخرى يقول أمير المؤمنين عليهالسلام : «أشدّ الناس نفاقاً مَن أمر بالطاعة ولم يعمل بها ونهى عن المعصية ولم ينته عنها» ميزان الحكمة ، الباب ٣٩٣٣ ، الحديث ٢٠٢٩٤ ، وهذه الرواية بمثابة التحذير للكُتّاب والخطباء وكل من تولَّى شؤون الاعلام والتبليغ.
(٢) ميزان الحكمة ، الباب ٣٩٣٦ ، الحديث ٢٠٢٩٩.