لا تنجي الانسان ، فلا ينبغي له أن يعتمد عليها ، ثمّ يضرب مثلين جميلين في أمرأة نوح عليهالسلام وامرأة لوط عليهالسلام اللتين لم ينفعهما قرابتهما بالرسولين المذكورين ؛ وذلك لأنهما لم يعملا صالحاً ، فكان مصيرهما جهنم كباقي من دخلها من الناس.
قصة التحريم
وردت أقوال متباينة في قصة التحريم ، أنسبها ما يأتي :
«إنَّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يذهب أحياناً إلى زوجته (زينب بنت جحش) فتبقيه في بيتها حتى تأتي إليه بعسل كانت قد هيّأته له ، ولكن لمّا سمعت عائشة بذلك شقّ عليها الأمر ، ولذا قالت : إنَّها قد اتفقت مع حفصة (إحدى أزواج الرسول) على أن يسألا الرسول بمجرّد أن يقترب من أيٍّ منهما بأنَّه هل تناول صمغ المغافير (١) ، علما أن الرسول كان يصرّ على أن تكون رائحته دائماً (٢). وفعلاً سألت حفصة الرسول صلىاللهعليهوآله هذا السؤال يوماً وَرَدَّ الرسول بأنَّه لم يتناول صمغ المغافير ولكنَّه تناول عسلاً عند زينب بنت جحش ، ولهذا أقسم بأنَّه سوف لن يتناول ذلك العسل مرة اخرَى ، خوفاً من أن تكون زنابير العسل هذا قد تغذت على شجر صمغ المغافير وحذرها أن تنقل ذلك إلى أحدٍ لكي لا يشيع بين الناس أن الرسول قد حرَّم على نفسه طعاماً حلالاً فيقتدون بالرسول ويحرمونه أو ما يشبهه على أنفسهم ، أو خوفاً من أن تسمع زينب وينكسر قلبها وتتألّم لذلك.
لكنها أفشت السرَّ فتبيَّن أخيراً أن القصة كانت مدروسة ومعدَّة ، فتألّم الرسول صلىاللهعليهوآله لذلك كثيراً فنزلت عليه الآيات السابقة لتوضيح الأمر وتنهى من أن يتكرَّر ذلك مرة اخرى في بيت رسول الله صلىاللهعليهوآله» (٣).
طبقاً لهذه الرواية فإنَّ عائشة وحفصة ارتكبتا ذنوباً ثلاثة :
١ ـ حسدهما زينب بنت جحش لكثرة حب الرسول لها.
__________________
(١) وهو نوع من الصمغ يترشّح من بعض أشجار الحجاز يسمى عرفط ويترك رائحة غير طيّبة.
(٢) وهو من شأن أي زعيم للمجتمع.
(٣) الامثل ١٨ : ٤٠٥ ـ ٤٠٦ ، ويذكر أن اصل هذه الرواية نقلها البخاري ٦ : ١٩٤.