فكرها وتحرفه أو تسلبه منها. آمنت آسية وتنوّر قلبها عند ما رأت معجزة موسى ، حيث أسلم له سحرة فرعون وسيطر الاضطراب والخوف على فرعون الذي كان يدّعي الربوبية ، وازداد إيمانها وشعلته النيِّرة في قلبها تدريجياً بعد ما منعت من تأثير المجتمع والعائلة على فكرها ونفسها (١).
٢ ـ لماذا لم تستخدم آسية التقية؟
حقيقة التقية هي تغيير شكل المواجهة ، وتجب فيما إذا كان إظهار العقيدة يعرِّض الانسان للخطر دون فائدة ، لكن لماذا لم تستخدم آسية زوجة فرعون التقية ؛ حفظاً لنفسها وتغييراً لظاهر المواجهة؟
الجواب
أولاً : التقية تجري فيما إذا كان بإمكان الانسان أن يخفي عقيدته ويكتمها ، لكن حبّ الانسان لله بمثابة الشعلة التي تعلو ألسنتها لتظهر على حركات الانسان وسكناته حتى لو حاول إخفاءها.
شعلة حب الله كانت قد اتقدت وارتفعت إلى درجة لا يمكن إخفاؤها بأي نحو من الأنحاء ، وهذا هو الذي جعل من آسية أن تعلن إيمانها وتصمد أمام المشاكل والعقبات.
ثانياً : قد يكون إظهار الايمان والشهادة في هذا الطريق يعقبه فوائد أكثر من فوائد الحياة وكتمان الايمان ، وقد كان إظهار آسية لإيمانها وانتشار خبرها وخبر تعذيبها وصمودها في هذا الطريق حتى الشهادة من هذا القبيل. مضافاً إلى أن هذه القضية بحدّ ذاتها تعدُّ وثيقة دامغة على حقانية موسى عليهالسلام وبطلان دعاوي فرعون ، وسبباً لطمأنة المؤمنين وتعزيز ثقتهم بأنفسهم ، باعتبار أنها تكشف عن امكانية نفوذ الايمان قلوب الأعداء ، وتهديدهم في قعر دارهم. وهذا يسلب الذرائع التي قد يتمسك بها البعض لترك الايمان بالواحد الأحد.
__________________
(١) من هنا يتضح سرّ الأهمية القصوى التي منحها القرآن الكريم والروايات الشريفة للتفكير ، ومن هنا يمكن عدّ الأديان الإلهية التي لم تحرّف أدياناً للعقل والفكر.