سعيد بن جبير عند الموت
إن سعيد بن جبير من العظماء والأولياء ، كما انه من انصار الامام السجاد عليهالسلام ، فقد كان مؤمناً حنيفاً ومتوكلاً على الله في اعماله ، وقد ابتسم عند مقتله.
عند ما جي بسعيد بن جبير إلى الحجاج (١) دار نقاش بينهما استهدف الحجاج عبره النيل والاستهزاء بسعيد ، إلّا أنَّه ما استطاع ، لقدرة سعيد على الكلام ، فامر بقتله وقال له : اختر أي قتلة شئت! قال : اختر لنفسك فان القصاص امامك. ولما أمر بقتله قال (وَجَّهْتُ وَجْهِي للّذي فَطَرَ السَّمَواتِ والأَرْضَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكينَ) (٢) فقال : شدوا به لغير القبلة. فقال : (أيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) (٣) قال : كُبوَّه على وجهه. فقال : (مِنْها خَلَقْنَاكُم وَفِيْها نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارةً أُخْرَى) (٤)
وبعد ما أمر الحجاج بقتله دعى سعيد بهذا الدعاء (اللهم لا تسلّطه على احد بعدي) ، وقد استجيب دعاؤه ولم يبق الحجاج بعده الا خمسة عشرة ليلة (٥) ولم يقتل بعده الحجاج احداً.
وقد مات الحجاج اثر مرض كان يشعر خلاله بالبرودة والرعشة بحيث كان يدخل يديه في النار وتحترق وهو لا يشعر بها. ولما جاءه احد الوجهاء وطلب منه ان يدعو له ، ذكّره بما قد أوصاه سابقاً من عدم الاكثار في القتل.
نعم إنَّ الامان في الدنيا للمؤمنين فقط دون المنافقين ، ودين الله ليس للاخرة فقط بل هو منهج للحياة الدنيا كذلك.
__________________
(١) يقول احد الكتّاب في الحجاج : «لو كانت هناك مسابقة تعرّف من خلالها الملل والنحل طغاتها وجناتها وعرّفنا نحن المسلمون الحجاج في تلك المسابقة لربحنا تلك المسابقة قطعاً».
ويبدو انه منصف في كلامه وليس الأمر بعيداً عن الواقع ؛ فانَّ قطع رؤوس المعارضين له ومشاهدة فوران الدم من الجسد والشرايين هي احد موارد ترفيهه والتذاذه ، وكان يصّرح بالتذاذه بمشاهدة هذه المناظر.
(٢) الأنعام : ٧٩.
(٣) البقرة : ١١٥.
(٤) طه : ٥٥.
(٥) سفينة البحار ، مادة سعد.