خطابات الآية
الاول : إن الآية جواب لائق للسؤال التالي : إذا كان القرآن المجيد وحياً الهياً فينبغي أن ينفذ في القلوب ويترك اثره فيها ، فلما ذا لا نشاهد هذا الامر في بعض المشركين الذين ظلّت قلوبهم نائمة دون يقظة إلى اخر عمرها؟
إنَّ التأثير على أي شيء يستدعي وجود عاملين :
١ ـ فاعلية الفاعل.
٢ ـ قابلية القابل.
ومما لا شك فيه أنَّ القرآن فاعل وذات تأثير ونفوذ ، إلّا أنَّ الكافرين ليست لهم القابلية لاستقبال مفاهيم القرآن واستقطابها. لا خلاف في لطافة طبع الغيث لكنه إذا هبط على الحجر فانا لا نتوقع منه انبات الشجر ؛ وذلك لان الحجر ليست له قابلية على تنمية البذور ، وكذلك هو شأن الكافرين. فإنَّ كلام الله بروعة قطرات المطر وقلوب الكافرين بقسوة وشدة الحجر ولا تؤثر هذه القطرات اللطيفة في الحجر ، لكن بمجرد أن تحصل ادنى قابلية لهذه الأحجار على الانبات نرى الغيث يؤثر فيها. وقلوب الكافرين المتحجرة إذا تبلورت فيها أي قابلية على التأثر كان كلام الله نافذاً فيها وتاركاً اثره.
وعلى هذا فتأثير المؤثر غير كافية بل قابلية القابل مهمة أيضاً ، والكافرين ما كانت لهم تلك القابلية.
الثاني : افادة الناس من المعارف القرآنية يتوقف على مستوى لياقتهم وقدرتهم على الافادة.
القرآن حديقة يستطيع أنْ يتمتع بها كل شخص بمستوى ذوقه ، أو هو ينبوع من الماء الزلال يستطيع كل واحد أنْ ينهل منه ماء الحياة ويروي عطشه. والاختلاف بين الجميع في مقدار ما ينهلون منه.
إنّ هؤلاء الكفار لا هم يملكون الاناء للنهل من هذا الينبوع ، ولا هم قادرون على تجرع الفيض والرحمة الالهية ؛ وذلك لأنّ تقليدهم الأعمى لدين آبائهم يمنعهم من النهل من زلال المعرفة الربانية.