وبتعبير آخر : إنَّ اتباعهم لدين آبائهم ضرب حجاباً ضخماً على وسائل معرفتهم حال دون سمعهم أو ابصارهم أو نطقهم فاصبحوا عمياً بكماً صماً لا يفقهون شيئاً.
وقد فسرت الآية المذكورة بشكل آخر ، هو : أيُّها المشركين! إنَّكم تركعون لاصنام تعبدونها وتناجونها وهي لا تسمع حاجاتكم ولا ترى اعمالكم ولا تستطيع النطق والكلام معكم ، فهي بكم وعمي وصم كالبهائم. أيُّها الإنسان! إنَّك قد كسرت شخصيتك بنفسك من خلال العبادة والخضوع لهذه الاصنام الجامدة.
بما أنَّ ضمير (هم) في (فهم) والضمير الذي في (لا يعقلون) يشيران إلى العقلاء لذا كان التفسير الاول اقرب للمنطق والعقل.
على أي حال ، فإنَّ الخطاب الرئيسي للاية هو رفض التقليد الاعمى للاسلاف والآباء.
التقليد في القرآن
تحدثت آيات كثيرة عن التقليد ، ومن الايات ما تذم التقليد وتعتبره عملاً مضاداً للقيم ، ونموذج ذلك الآية ١٧٠ من سورة البقرة. (١)
لكن بعض الايات التي وردت في التقليد لا أنّها لم تذمه فحسب ، بل دعت له وشجعت الناس عليه ، كما في الآية ٧ من سورة الأنبياء : (فاسْئَلُوا أهْلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)
ومع الالتفات إلى التضاد الظاهري بين هذين الطائفتين من الايات ، ما هي وظيفة المسلم المؤمن؟ هل التقليد أمر مستحسن ام ممنوع ومحرم؟ وهل يتمكن المؤمن من تقليد أهل العلم؟
أقسام التقليد
لاجل ايضاح الموضوع من الافضل ان ندرس اقسام التقليد.
١ ـ تقليد الجاهل للجاهل : ومثل هذا هو تقليد الكفار والمشركين الجهال لابائهم الجهال.
__________________
(١) وكذلك في الايات ١٣٦ و ١٣٨ من سورة الشعراء والآية ١٠٤ من سورة المائدة والآية ٢٨ من سورة الاعراف والآية ٢١ من سورة لقمان والآية ٢٣ من سورة الزخرف.