الجهاد كما اريد منه هذا المعنى في موارد كثيرة أخرى.
إلَّا أنَّ (سبيل الله) اختلف معناه في الآية ٢٦ من سورة (ص) : (وَلَا تَتَّبِع الهَوَى فَيضِلَّكَ عَنْ سِبِيلِ اللهِ ..) فقد نهت الآية النبي داود عليهالسلام عن اتباع الهوى في القضاء ودعته للقضاء في سبيل الله ، أي القضاء العادل والذي يصل المحق إلى حقه من خلاله.
وعلى هذا ؛ فلا نصحح ما ادعاه البعض من أنَّ المراد من (فِي سَبِيْلِ اللهِ) هو الانفاق لاجل الجهاد فقط ؛ وذلك لأنَّ المُراد منه مطلق سبيل الله سواء كان في الجهاد العسكري أو الجهاد الثقافي أو الجهاد العمراني أو تأسيس مكتبة أو اعانة المحتاجين أو بناء المستشفيات والمستوصفات أو تأسيس صندوق للقروض أو غير ذلك.
بالطبع ، إنَّ رعاية الأولوليات والضروريات أمر مهم وفي محله ، كما أنَّ الابداع في هذا المجال سوف يؤدي إلى جذب الناس إلى هذه الاعمال بشكل واسع ، نأتي هنا بنموذجين لهذه المقولة :
الأول : صندوق إعانة عوائل السجناء
مهما كان سبب سجن الرجل فإنه غالباً ما يكون معيلاً لعائلته. وخلال فترة حبسه ـ بخاصة إذا كانت طويلة ـ تواجه عائلته مشاكل جمة ، فمن جانب تهددهم مشكلة الفقر المالي ، ومن جانب آخر تترصدهم المشاكل الإجتماعية والأخلاقية ، وهنا إذا لم نلتفت إلى الأوضاع التي تعيشها عوائل السجناء ولم نجد حلاً لها فإنَّ عملية حبس رب العائلة سوف تورث بالقوة سجناء ومجرمين آخرين. ومن المؤسف أنَّ هذا الأمر لم يُلتفت اليه في المجتمع وقلما نجد شخصاً يفكر فيه.
إذا قمنا بمثل العمل الذي حصل في بعض المحافظات وهو تأسيس صندوق القرض الحسن فإنَّ عملنا هذا سيكون علاجاً لكثير من المشكلات الخاصة بعوائل السجناء وبالسجناء انفسهم ، وبذلك نقي المجتمع من كثير من الشذوذ والجرائم المحتمل وقوعها.
إنَّ شخصا إذا كان سجيناً بسبب دين في ذمته يعطى من هذا الصندوق قرضاً لكي يطلق سراحه ، وبعد أن يحصل على عمل شريف يقوم بالدفع لهذا الصندوق. وبذلك نكون قد عالجنا مشكلته ومشكلة عائلته وانقذناهم من المشاكل الأخلاقية والاجتماعية التي تترصدهم.