ومن مجموع ما مضى يمكننا ان نفسر الآية ٢٦١ من سورة البقرة بصراحة من دون حاجة إلى تقدير جملة محذوفة. رغم ذلك فانا لا نصر على تفسيرنا بل نعتبر أنَّ كلا التفسيرين مقبولان ، أي يمكننا القول : الآية تفيد أنَّ مال الفرد المنفق ينمو كما أنَّ شخصيته تنمو من خلال نمو وتكامل خصالها الحسنة. (١)
نمو المال المنفق في كلام الرسول صلىاللهعليهوآله
في مجال نماء المال المنفق ، للرسول صلىاللهعليهوآله كلام جميل ننقله هنا : «ما تصدق احد بصدقة من طيب ـ ولا يقبل الله الا الطيب ـ إلَّا أخذها الله الرحمن بيمينه وإن كانت تمرة فتربو في كف الرحمن حتى تكون اعظم من الجبل». (٢)
في هذه الرواية نرى عدة نقاط أهلاً للإنتباه :
الاولى : الرواية صرحت بأنَّ الله ياخذ الصدقة بيمينه وهذا أمر يطرح تساؤلاً : هل لله جسم وأعضاء؟
من البديهي أنّ الله غير مجسم ، وتعبير (الاخذ باليمين) كناية عن قدرة الله الكاملة ، وذلك لأنَّ اليمنى عند الإنسان غالباً اقوى ، لذلك كان مفهوم العبارة أنَّ الله يأخذ الصدقة بقدرة كاملة مع احترام.
الثانية : انّ ما يحضى بالأهمية في الإسلام هو كيفية العمل ودوافعه لا كميته وظاهره. وعلى هذا ، فإنّ اعطاء تمرة حلال لمسكين من دون منة ولا أذى افضل عند الله من تمر كثير غير حلال أو تزامن مع منة أو أذى.
الثالثة : وفقاً لهذه الرواية ، فإنّ المال المنفق ينمو إلى سبعمائة ضعف أو أكثر. وعلى هذا الأساس ، فإنَّ المال يبقى عند الله ينمو ويرد إلى صاحبه يوم القيامة ليكون سبباً لانقاذه من نار الجحيم.
__________________
(١) الاستاذ كغيره من محققي علم الاصول يجوّز استعمال اللفظ في اكثر من معنى واحد. وبناء على هذا الرأي يتمكن المتكلم النطق بلفظ وارادة عدة معاني منه. وللمزيد راجع انوار الاصول ١ : ١٤١ فما بعدها.
(٢) صحيح مسلم ٢ : ٧٠٢ ، وقد جاء نفس المضمون في روايات اهل البيت عليهمالسلام في وسائل الشيعة ج ٦ ، ابواب الصدقة الباب ٧ ، الحديث ٥ ـ ٨.