واقبل زوجها واخبرته عن القوم والشاة ، فغضب الرجل وقال : ويحك تذبحين شاتي لاقوام لا تعرفينهم ثم تقولين نفر من قريش.
ثم بعد مدة الجأتهم الحاجة إلى دخول المدينة ، فدخلاها وجعلا ينقلان البعير اليها ويبيعانه ويعيشان منه فمرت العجوز في بعض سكك المدينة ، فاذا الحسن عليهالسلام على باب داره جالس فعرف العجوز وهي له منكرة ، فبعث غلامه فردها فقال لها : يا امة الله تعرفيني؟ قالت : لا. قال انا ضيفك يوم كذا. فقالت العجوز بأبي أنت وأمي فامر الحسن عليهالسلام فاشترى لها ما شاء الصدقة ألف شاة (١) وامر لها بألف دينار وبعث بها مع غلامه إلى اخيه الحسين عليهالسلام فقال : بكم وصلك اخي الحسن؟ فقالت : بألف شاة والف دينار ، فامر لها بمثل ذلك ، ثم بعث بها مع غلامه إلى عبد الله بن جعفر عليهالسلام فقال : بكم وصلك الحسن والحسين عليهماالسلام؟ فقالت : بألفي دينار وألفي شاة فامر لها عبد الله بألفي شاة وألفي دينار». (٢)
الصدقة تدفع ميتة السوء (٣)
لقد قلنا سابقاً : إنَّ الصدقة تفيد المنفق قبل أنْ يفيد منها المحتاج ، وقد درسنا في السطور السابقة ما يترتب على الصدقة من صفات كمالية اضافة إلى الاجر والثواب المعنوي ، ونقول هنا : بأنَّ الصدقة تدفع البلاء والموتة السيئة ، والرواية التالية تكشف عن هذا الامر.
مرَّ يهودي بالرسول صلىاللهعليهوآله فقال : السام عليك (٤) فاجاب الرسول : «وعليك» ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : «إنَّ هذا اليهودي يعضه اسود في قفاه فيقتله» ، قال : فذهب اليهودي فاحتطب حطباً كثيراً فاحتمله ثم لم يلبث أنْ انصرف فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : «ضعه» فوضع الحطب
__________________
(١) رغم الولاء الظاهر الذي كان يبديه الناس لحكومة معاوية ، إلّا أنّ قلوب كثيراً منهم أو اكثرهم كانت مع الأئمة ، ويبدو أنَّ بذل الامام الحسن هذا كان من محل تبرعات الناس وانفاقهم وعطائهم لأهل البيت.
(٢) بحار الانوار ٤٣ : ٣٤٨.
(٣) يراد من ذلك الموت الذي يحصل اثر الإحتراق أو الموت بالتقطيع ارباً ارباً وما شابه.
(٤) هذه الطريقة من السلام تعارفت عند بعض المسلمين ، وهو أمر يؤسف له ، ويبدو أنَّ عملهم هذا ناشىء عن الجهل بما يعني هذا السلام ، الذي هو نوع من اللعن.