الثالث : انّها للنفي ، على معنى انّي لا أعظمه بأقسامي به حقّ إعظامه ، فانّه حقيق بأكثر من هذا ، وهو يستحق فوق ذلك.
فعلى المعنى الأوّل «لا» زائدة ، ولكنّه بعيد في كلام ربّ العزة ، والمتعين أحد المعنيين الأخيرين.
أمّا المقسم به : فهو أمران :
أ : يوم القيامة.
ب : النفس اللوامة.
أمّا الأوّل : فهو يوم البعث الذي يجمع الله فيه الناس على صعيد واحد ، وإنّما سمّي يوم القيامة لأجل انّه يقوم به الحساب ، قال سبحانه حاكياً عن إبراهيم : (رَبَّنا اغْفِر لي وَلِوالِدَيّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الحِساب) (١) وانّه يوم يقوم به الاشهاد ، قال سبحانه : (إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالّذِينَ آمَنُوا فِي الحَياةِ الدُّنْيا وَيَومَ يَقُومُ الأَشْهاد) (٢) وانّه يوم يقوم فيه الروح ، قال سبحانه : (يَومَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالمَلائِكةُ صَفّاً) (٣) ، وانّه يوم يقوم الناس لربّ العالمين ، كما قال سبحانه : (يَوْمَ يَقُومُ النّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِين) (٤) ، إلى غير ذلك من الوجوه التي توضح وجه تسمية اليوم بالقيامة ، وقد جاء يوم القيامة في القرآن سبعين مرّة ، فلم تستعمل القيامة إلّامضافة إلى يوم.
وأمّا الثاني : أي النفس اللوامة صيغة مبالغة من اللوم ، وهي عدل الإنسان
__________________
(١) إبراهيم : ٤١.
(٢) غافر : ٥١.
(٣) النبأ : ٣٨.
(٤) المطففين : ٦.