قدر وقضى ، ولا فيما أمر ونهى ، إلّاما أراده ربّه ، وهذا ظهور العبودية التامة في العبد ، ففي قوله : (فَادْخُلي في عِبادي) تقرير لمقام عبوديتها.
وفي قوله : (وادْخُلي جَنَّتي) تعيين لمستقرها ، وفي إضافة الجنة إلى ضمير المتكلم تشريف خاص ، ولا يوجد في كلامه تعالى إضافة الجنة إلى نفسه تعالى وتقدس إلّافي هذه الآية. (١) هذا كلّه حول المقسم به.
وأمّا المقسم عليه : فهو محذوف معلوم بالقرينة أي «لتبعثنّ» وإنّما حذف للدلالة على تفخيم اليوم وعظمة أمره ، قال تعالى : (ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتيكُمْ إِلّابَغْتَة) (٢) ، وقال : (إِنَّ السّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخفِيها لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى) (٣) ، وقال : (عَمّ يَتَساءَلُونَ* عَنِ النَّبَإِ العَظيم) (٤). (٥)
وأمّا وجه الصلة بين المقسم به والمقسم عليه ، فواضح ، فانّ الإنسان إذا بعث يوم القيامة يلوم نفسه لأجل ما اقترف من المعاصي ، إذ في ذلك الموقف الحرج تنكشف الحجب ويقف الإنسان على ما اقترف من المعاصي والخطايا ، فيندم على ما صدر منه قال سبحانه : (وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ ما فِي الأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمّا رَأَوُا العَذابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (٦) ، وقال سبحانه : (وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَروا بَلْ مَكْرُ اللَّيلِ وَالنَّهارِ إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نكفُرَ باللهِ وَنَجْعل لَهُ أَنْداداً وَأَسَرُّوا النَّدامَة لَمّا رَأَوا العَذابَ وَجَعَلْنَا الأَغلالَ في أَعْناقِ الَّذينَ كَفَرُوا هَل يُجْزونَ إِلّاما كانوا يَعْمَلُونَ). (٧)
وبالجملة فيوم القيامة يوم الندم والملامة ، ولات حين مناص.
__________________
(١) الميزان : ٢٠ / ٢٨٦.
(٢) الأعراف : ١٨٧.
(٣) طه : ١٥.
(٤) النبأ : ١ ـ ٢.
(٥) الميزان : ٢٠ / ١٠٤.
(٦) يونس : ٥٤.
(٧) سبأ : ٣٣.