سوف يعطيك ربّك في الآخرة ما يرضيك من الشفاعة والحوض وسائر أنواع الكرامة.
وروي أنّ محمد بن علي بن الحنفية ، قال : يا أهل العراق ، تزعمون أنّ أرجى آية في كتاب الله عزوجل هو قوله تعالى : (قُلْ يا عِبادِيَ الّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ الله) (١) وإنّا أهل البيت نقول : أرجى آية في كتاب الله ، هو قوله : (وَلَسَوفَ يُعطيكَ رَبُّكَ فَتَرضى) وهي والله الشفاعة ، ليعطينّها في أهل لاإله إلّاالله حتى يقول : ربّي رضيت. (٢)
وقد ذكر المفسرون في شأن نزول الآية : انّه احتبس الوحي عنه خمسة عشر يوماً ، فقال المشركون : إنّ محمداً قد ودّعه ربّه وقلاه ، ولو كان أمره من الله تعالى لتتابع عليه ، فنزلت هذه السورة.
هذا ما يذكره المفسرون ، ولكن الحقّ انّه لم يكن هناك أيُّ احتباس وتأخير في نزول الوحي ، وذلك لأنّه جرت سنّة الله تعالى على نزول الوحي تدريجاً لغايات معنوية واجتماعية ، وقد أشار الذكر الحكيم إلى حكمة نزوله نجوماً في غير واحدة من الآيات ، قال سبحانه : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَولا نُزّلَ عَلَيْهِ الْقُرآن جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً) (٣)
فالآية تعكس فكرة المشركين حول نزول القرآن وكانوا يتصورون أنّ القرآن كالتوراة ، يجب أن ينزل جملة واحدة لا نجوماً وعلى سبيل التدريج ، فأجاب عنه الوحي ، بأنّ في نزوله التدريجي تثبيتاً لفؤاد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لتداوم الصلة بين الموحي
__________________
(١) الزمر : ٥٣.
(٢) مجمع البيان : ٥ / ٥٠٥.
(٣) الفرقان : ٣٢.