الإغارة على العدو بالخيل من إثارة الغبار. والضمير في «به» يرجع إلى العدو المستفاد من قوله : والعاديات ، والباء للسببية.
(فوسطن به جمعاً) فلو قلنا بتشديد السين يكون المعنى حاصروا الأعداء ، ولكن القراءة المعروفة هي بلا تشديد الفعل فيكون معناه أي صاروا في وسط الأعداء بما انّ هجومها كان مباغتاً خاطفاً استطاعت في بضع من اللحظات أن تشق صفوف العدو وتشن حملتها في قلبه وتشتت جمعه.
ثمّ الضمير إمّا يرجع إلى العدو المستفاد من قوله : (والعاديات) أو إلى النقع فيكون المعنى فوسطن صباحاً أو في خضمِّ النقع صفوف الأعداء.
ويحتمل أن يرجع الضمير إلى الصبح ، ويكون الباء بمعنى «في» أي وسطن في الصبح جمعاً.
وعلى كلّ حال فالآيات تحلف بالخيول التي تسرع إلى ميدان الجهاد بسرعة حتى تضبح ويتطاير الشررَ من تحت حوافرها باستدامة ضرب الحافر للأحجار ، وعند انجلاء الصبح تشنّ هجوماً شديداً يثير الغبار في كلّ جانب ثمّ تتوغل إلى قلب العدو وتشتت صفوفه. وهذا يعرب انّ الجهاد له منزلة عظيمة إلى حد استحق أن يقسم بخيوله والشرر التي تتطاير من حوافرها والغبار الذي تثيره في الهواء.
هذا كلّه حول الأقسام ، وأمّا جواب القسم ، فهو قوله : (إِنَّ الإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُود) والكنود ، اسم للأرض التي لا تنبت ويطلق على الإنسان الكافر والبخيل ، فكأنّه جُبِّل على نكران الحق وجحوده وعدم الإقرار بما لزمه من شكر خالقه والخضوع له. يقول سبحانه : (إِنَّ الإِنْسانَ لَكَفُور) (١) ، وهو اخبار عمّا في
__________________
(١) الحج : ٦٦.